كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

ظلت كل طريقة متماسكة فيما بينها، لها شيخ أو خليفة يعترف به بقية المقدمين والأتباع، ومن ثمة كانت كل طريقة لها وزنها وخطرها، سيما إذا كانت شهيرة الشيخ، قوية السمعة، كثيرة المال والأتباع، وهي بهذا الحجم والصفة كانت تخيف كل حاكم، عثمانيا أو فرنسيا، وقد عرفنا أن بعض الطرق كانت تخيف الحكام العثمانيين، وأشرنا إلى الثورة الدرقاوية بقيادة ابن الأحرش وابن الشريف، وثورة التجانية وهجومها على مدينة معسكر وتمردها نواحي عين ماضي وشلالة وبوسمغون، وكان هؤلاء الحكام قد خشوا نفس المغبة من الطريقة القادرية (رغم أنها في الشرق كانت حليفة للعثمانيين عموما) فاعتقلوا شيخها محيي الدين وابنه عبد القادر (الأمير) أثناء توجههما إلى الحج، وهذه الطرق هي التي واجهت الاحتلال الفرنسي، وكان عليها أن تتولى هي الجهاد دفاعا عن الإسلام والأرض والعرض بعد استسلام السلطة المركزية وهزيمة الجيش الرسمي، فكان الحاج سيدي السعدي في متيجة، والحاج محيي الدين ثم ابنه في نواحي وهران ومعسكر، ثم ظهرت أسماء أخرى مثل موسى بن حسن الدرقاوي، ومحمد بن عبد الله (بو معزة) وهو من الطيبية، وكل هؤلاء شيوخ ومقدمون ومبعوثون للطرق الصوفية.
وقد بقي الفرنسيون مدة تزيد على خمس عشرة سنة وهم لا يدركون أهمية دور هذه الطرق ولا أسرارها وألغازها إلى أن ألف لهم الضابط دي
¬__________
= المنتمين للحركة السانسيمونية، وقد تزوج من جزائرية مسلمة.
2 - بروسلار Brosselard (الأخوان) 1859.
3 - هانوتو ولوتورنو (بلاد القبائل والعادات القبائلية). باريس، ط، 2 1893.
4 - دوتيه Doutte (المرابطون).
5 - هنري دوفيرييه H، Deveyrier (اكتشاف الصحراء: طوارق الشمال). 1864، كشف عن أهمية الطرق الصوفية بالصحراء ودورها سيما التجانية والسنوسية.
6 - لوشاتلييه (الطرق الإسلامية في الحجاز). وهو من ضباط المكاتب العربية في ورقلة ثم أستاذ بكوليج دي فرنسا بباريس ومؤسس لـ (مجلة العالم الإسلامي). وقد ربط بين بعض الطرق في الحجاز والجزائر، وصدر كتابه المذكور سنة 1887،

الصفحة 30