كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

الموسيقى الصاخبة، ثم يقوم بالجولات على رأس فرقته التي تتألف من اثني عشر عضوا حاملين (الغيطة) والبندير، وكان أتباعه يمارسون الرقص والحركات البهلوانية إلى جانب الإنشاد، وقد حملتهم أرجلهم إلى مختلف مناطق الشرق الجزائري من أقبو إلى بسكرة مرورا بقسنطينة وبجاية وغيرهما من المدن، وقد لاحظ الشيخ مبارك أن الاعتبار للشيخ عمار بوسنة قد خف عند الأتباع وكاد يصبح مجهولا، فعزم على إحيائه والتعلق به وجعل بوسنة هو شيخه، فأصبح الشيخ مبارك بن يوسف هو خديم الضريح، وفي بوحمام (قبيلة بني قائد، بلدية نشماية عندئذ) نصبت قبة أصبحت هي الزاوية الأم للطريقة الجديدة، قطن الشيخ مبارك ضريح الشيخ بوسنة بهدف تكوين طريقة يلم بها شعث الأتباع المتفرقين من المعجبين بالشيخ بوسنة، واشتهر مبارك بأنه فاعل خير، وأصبح هو الذي يقوم بخدمة (خديم) سيدي عمار، وحصل من وكيل الضريح على رخصة جلب الماء على ظهره من منبع غير بعيد من الضريح ليسقي به العطاش، ثم بدأت الزردات تقام باسم الشيخ عمار مرتين في العام، وجاء الحاج مبارك بكرامات أدهش بها الناس الذين أصبحوا يأتونه حتى من تونس، وهي الكرامات التي يقول إنها تأتن من طريق شيخه سيدي عمار باعتباره خديما له.
وشيئا فشيئا أصبح الحاج مبارك (شيخا) لا منازع له، فقد طلب سنة 1876 رخصة لبناء غرفة في ضريح الشيخ عمار نفسه، وأصبح الوكيل يقدم إليه هو الزيارات التي يأتي بها الأتباع، وكان الشيخ عمار بوسنة قد اشتهر عنه أنه من ناشري الطريقة القادرية وأن عائلته كانت كذلك، وكان متحمسا لنشر تعاليمها، فاستغلت هذه القصة أثناء احتلال فرنسا لتونس، سنة 1881 أيضا، إذ تكونت طريقة الحاج مبارك رسميا سنة 1882، وأصبح لها ذكر ألفه لها الشيخ المازوني، رئيس فرع القادرية بالكاف، والشيخ المازوني (الذي يبدو أنه من مازونة) كان يرى في طريقة عمار بوسنة فرعا ثانويا للقادرية، وهكذا اتبع الحاج مبارك تعاليم المازوني، رغم أميته، فعلم الذكر لأحد أبنائه، وذكر هذه الطريقة (العمارية) يستند فقط على سلسلة الشيخ عمار

الصفحة 62