كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

الحسن الشاذلي، بعد أن كان خائفا يترقب ويعاني من العزلة والفقر، أصبح يحج كل عام ويجاور هناك فترة، ويبدو أنه أثناء إحدى حجاته وافاه الأجل في مكان مجهول حتى الآن، إلا أن بعضهم يجعله في أعالي مصر في المكان المعروف (بالأبيار الشاذلية). وكان ذلك سنة 656 هـ (¬1).
سئل الشاذلي عن شيخه وهو في المشرق، فأخبر أنه هو عبد السلام بن مشيش، ولكنه تطور وأصبح يرى أن شيوخه من بني آدم هو الرسول (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدون الأربعة، ومن الملائكة جبرائيل وميخائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، ورغم خلواته وعزلته وأوقاته الكثيرة فإن الشاذلي لم يترك مؤلفا بخط يده، ترك أتباعا أو كتبا متنقلة في شكل تلاميذ، كما كان يقول، ومن هؤلاء التلاميذ الذين حفظوا عنه أو كانوا صورة لأفكاره مثل كتبه، هو أبو العباس أحمد المرسي، فهو الذي أكمل وطور الفكر الصوفي لشيخه الشاذلي، وقد ألف أحمد بن محمد عباد الشافعي كتابا سماه (المفاخر العلية في المآثر الشاذلية). وهناك أيضا الأدعية والأذكار المعروفة باسم (حزب البحر) والمنسوبة للشاذلي، وهو تأليف يضم تعاليم الشاذلي وطريقته (¬2).
قلنا إن شهرة أبي الحسن الشاذلي قد طبقت الآفاق أثناء حياته وكذلك بعد مماته، ويرجع الفضل في إشاعة تعاليمه إلى تلاميذه، ومنهم أبو العباس أحمد المرسي (ت، 686). وقد امتدت سلسلته إلى ابن عطاء الله الإسكندري (ت 709) وأحمد زروق، وأحمد بن يوسف الملياني ثم العربي بن أحمد الدرقاوي، ولذلك يعتبر الدرقاوية إحدى الطرق المتفرعة
¬__________
(¬1) رين، مرجع سابق، ص 227، وكذلك ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص 443 - 447.
(¬2) نفس المصدر، ويذكر رين أن الذي ترجم له عن (المفاخر العلية) هو (آرنو) المترجم العسكري بالحكومة العامة بالجزائر، كما ذكر أن الشيخ محمد الموسوم، زعيم الطريقة الشاذلية في وقته هو الذي أعطاه (لطائف المنن) للشعراني والذي تضمن أيضا آثار وأقوال الشاذلي، وقد ترجم له عنه أيضا (آرنو) المذكور،

الصفحة 67