كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

وللزاوية هيئة إدارية نشيطة من الرئيس والخلفاء والمقدمين والخدم، فالرئيس أو الشيخ له خلفاؤه، والمقدمون لهم نوابهم، وللجميع خدم دنيويون يقومون لهم بالواجبات، والخلفاء يختارون عادة من بين أعضاء عائلة الشيخ، أما المقدمون فيختارهم الإخوان، وتختلف الكوزازية بعض الشيء عن غيرها في أن إدخال الأخ في الطريقة لا يكون أمام الحضرة ولكن فرديا، كما لا تعطى الإجازات للإخوان البسطاء الذين لم يبلغوا درجة من العلم والذكاء والدبلوماسية، ويقولون إن الزاوية الأم فقيرة جدا، ولذلك تحتاج إلى حقوق الزيارات، ومع ذلك يذكرون عنهم أنهم لا يقبلون الطعام من أحد، وإذا ما دعوا إليه فإنهم يعدون طعامهم بأنفسهم!، ولعل ذلك كان مجرد رياء وتظاهر.
وبالإضافة إلى الجانب الديني والصوفي، يقوم إخوان الكوزازية، سيما المقدمون ونوابهم، بالإصلاح بين الناس، وهم يحتفظون بالحياد عند الخصومات، وتحمى الزاوية ضحايا الاعتداءات في الطرق التجارية، وهي ملجأ للهاربين والفقراء، وكانت لهم علاقة طيبة مع سلاطين المغرب والحكام الفرنسيين بالجزائر، حسب المعلومات الفرنسية، لكن الفرنسيين يلاحظون أن أولاد سيدي الشيخ كانوا دائما يجدون الملجأ في زاوية كلازاز، رغم الموقف الحيادي لها، ولها أتباع في الناحية كلها من بني سناسن إلى توات، وللزاوية أملاك في هذه الناحية، غير أن أغلب الأتباع في بني غيل، ودوي - مينا، وحميان وتلمسان وعين تموشنت.
وعلامة على علاقاتها الحسنة مع الفرنسيين، رغم شعار حيادها، عرض شيخ الزاوية سنة 1881، وهو أحمد بن الكبير بوحجاجة، إعادة بعض الهاربين إليه من ثورة بوعمامة، وعند وفاة هذا الشيخ سنة 1896 بادر خليفته، عبد الرحمن بن محمد بإخطار الفرنسيين بالوفاة وتسميته هو خليفة له، ووعدهم باتباع سيرة سلفه وسياسته معهم، وقد بعث بذلك إلى الجنرال الفرنسي، حاكم العين الصفراء (¬1). وأخذت الزاوية في العهد الأخير تتوسع
¬__________
(¬1) انظر رين، مرجع سابق، 342 - 348، وديبون وكوبولاني، مرجع سابق، =

الصفحة 89