كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)

ووقته للج شوال لآخر الحجة.
ـــــــ
بصدد بيان الأركان التي يطلب المكلف بالإتيان بها فتأمله والله أعلم. فإن قيل الركن ما كان داخل الماهية والإحرام ليس كذلك لأنه إنما ينعقد بالنية فالنية هي المميزة للحج من غيره والمميز خارج عن حقيقة المميز فيكون شرطا. قيل الجواب عنه من وجهين الأول أن المراد كونه ركنا أنه لا ينجبر بالدم لأنه جزء. هكذا ذكره القرافي في الكلام على الميقات الزماني والثاني أنه وإن كان كذلك لكن لما أن كان تنشأ عنه صفة تلازم تلك الماهية وتقارن جميع الأركان كلها صار كأنه جزء منها وداخل فيها والله أعلم. والأصل في وجوبه فعله صلى الله عليه وسلم وأمره قاله ابن الحاج وغيره ثم الإجماع المنعقد عليه والله أعلم ص: "ووقته للحج شوال لآخر ذي الحجة" ش: الضمير عائد إلى الإحرام ولما كان الإحرام ركنا للحج والعمرة بدأ بالكلام على وقت الإحرام بالحج لأنه هو المقصود ثم بعد ذلك ذكر وقت الإحرام بالعمرة. واعلم أن للإحرام ميقاتين أحدهما زماني والآخر مكاني ومراد المؤلف بيان الأول. فمعنى كلامه أن الميقات الزماني للإحرام بالحج من أول شوال إلى آخر الحجة. والميقات إن كان مأخوذا من الوقت الذي هو الزمان فإطلاقه على المكاني إنما هو بالحقيقة الشرعية لأنه قال في الحديث وقت لأهل المدينة ذا الحليفة الحديث. وإن كانا مأخوذين من التوقيت والتأقيت اللذين هما بمعنى التحديد فكل منهما حقيقة لغوية باقية على أصلها. وفي كلام المصنف رحمه الله مسامحة لأن وقت الشيء ما يفعل فيه وليس ذو الحجة بكماله وقتا للإحرام بل بعضه والذي ذكره المصنف إنما هي أشهر الحج وأما الميقات الزماني فهو كما قال ابن عرفة وميقاته الزماني في الحج ما قبل زمنه الوقوف من الشهر وهو شوال وتالياه وآخرها روى ابن حبيب عشر ذي الحجة. ونقل اللخمي وأيام الرمي وذكر ابن شاس رواية أشهب باقيه انتهى. لكن في عبارة ابن عرفة رحمه الله تعالى حذف وتقديره ما قبل آخر زمن الوقوف الخ. ولعله يريد وقته المختص به دون الوقوف. ومثله قول اللخمي للحج وقت يبتدأ فيه عقده ومنتهى محل منه بينه. والأصل في ذلك قوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: من الآية197] فأولها شوال واختلف عن مالك في آخرها فقال عشر من ذي الحجة وقال ذو الحجة كله وقال شوال وذو القعدة إلى الزوال من تسع ذي الحجة محل لعقد الإحرام والطواف والسعي لمن أتى من الحل فإذا زالت الشمس كانت وقتا للوقوف إلى طلوع الفجر من العاشر فإذا طلع الفجر صار وقتا للوقوف بالمشعر ما لم تطلع الشمس ويستحب أن لا يؤخر لبعد الإسفار وكذلك أيضا صار وقتا للرمي والنحر لمن تعجل من ضعفة النساء والصبيان. ثم ذلك وقت للرمي والنحر والحلاق والطوال ما لم تغرب الشمس وهذا هو المستحب فإن أخر

الصفحة 21