كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)

................................................................................................
ـــــــ
ذلك إلى آخر أيام الرمي فعل وأجزأه ولا دم عليه لما أخر من الحلاق والطواف لأنه وقت له واختلف في الدم عن تأخير رمي جمرة العقبة إذا أخرها رماها قبل أن تخرج أيام التشريق فإن خرجت لم ترم وكان عليه الدم واختلف إذا أخر الطواف والحلاق بعد أن خرجت أيام التشريق فقيل عليه الدم وقيل لا دم عليه لأن الوقت باق حتى يخرج الشهر فإن خرج الشهر كان عليه الدم قولا واحدا وعليه أن يحلق ويطوف انتهى ومرادهم أن بالزوال من التاسع انقطع وقت الإحرام فقد صرح اللخمي وغيره بأن من أسلم أو احتلم أو أعتق بعرفة عشية أو قبل أن يطلع الفجر أحرم حينئذ ووقت بها وتم حجه ونقله في النوادر عن الموازية في أول كتاب الحج من النوادر والله أعلم. والمسامحة التي في كلام المصنف واقعة في كلام ابن رشد وابن الحاجب والقرافي وابن الحاج وصاحب الشامل وغيرهم ويمكن أن يكون مرادهم أن هذه الأشهر وقت لعقد الإحرام والإحلال منه وعلى كل حال ففيه مسامحة لأن المقصود بيان الوقت الذي يبتدأ فيه الإحرام بالحج لا وقت التحلل منه فتأمله والله أعلم ولا خلاف أن أول أشهر الحج شوال واختلف في آخرها على ثلاث روايات المتقدمة قال في التوضيح والمشهور أنها شوال وذو القعدة وذو الحجة حملا للفظ على حقيقته انتهى وكذلك قال ابن القصار وهو الذي اختاره من قولي مالك وجهه قوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: من الآية197] فأتى بلفظ الجمع وأقله اثنان أو ثلاثة ولا خلاف أنه لم يرد هنا شهرين فلم يبق إلا أن يريد ثلاثة أشهر انتهى من منسك ابن الحاج ولم يذكر ابن الحاج وعبد الحق وسند وغيرهم إلا قولين إلى آخر ذي الحجة أو إلى عاشره وذكر ابن شاس وتابعوه وغيرهم القول الثالث إلى آخر أيام الرمي وعزا الشارح في الوسط القول بأن آخرها عشر ذي الحجة لابن عبد الحكم وعلى هذين القولين الأخيرين يكون إطلاق الأشهر على ذلك مجازا قال ابن الحاجب وفائدة الخلاف دم تأخير الإفاضة قال في التوضيح فعلى المشهور لا يلزمه إلا بتأخيره إلى المحرم وعلى العشر يلزمه إذا أخره إلى الحادي عشر وهكذا قال الباجي وعبد الحق واللخمي وغيرهم وليس ما زعمه ابن الحاج في مناسكه من أنه اختلاف عبارة وأنه لا خلاف في أنه لا يجب الدم إلا بخروج الشهر بجيد انتهى وما ذكره عن ابن الحاج هو في أوائل مناسكه قال بعد أن ذكر عن الباجي إن فائدة الخلاف ما تقدم والصحيح أنه اختلاف في عبارة وليس بين القولين اختلاف في أن طواف الإفاضة لا يجب بتأخيره دم حتى يتأخر عن ذي الحجة كله انتهى. وما ذكره المؤلف عن عبد الحق فظاهر كلامه في النكت خلاف ذلك ونصه قال عبد الحق وأشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة كله في بعض الروايات وفي بعضها وعشر ذي الحجة ويحتمل أنه إنما قال ذو الحجة كله في إحدى الروايات من أجل أن من أخر طواف الإفاضة لا يتعلق عليه الدم حتى يخلو ذو الحجة ويدخل المحرم فلذلك عبر عن جميعه بأنه من أشهر الحج وأعرف أني رأيت نحو هذا لبعض من تقدم من العلماء انتهى.

الصفحة 22