كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)
................................................................................................
ـــــــ
فتأمله. وكذلك ليس في كلام اللخمي ما يدل على أنه إذا أخره عن يوم النحر يلزمه دم بل صرح بنفي الدم إذا أوقعه في أيام التشريق ولم يذكر فيه خلافا كما تقدم لفظه. وقال في موضع آخر وقال يعني مالكا فيمن أخر الإفاضة وطاف بعد أن ذهبت أيام منى إن قرب فلا شيء عليه وإن تطاول فعليه الدم. وقد اختلف قوله في معنى قول الله {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: من الآية197] فقال مرة شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة وقال مرة ذو الحجة كله. فعلى هذا لا يكون عليه هدي إلا أن يؤخر الحلاق والإفاضة حتى يخرج ذو الحجة وعلى القول الآخر عليه الدم إذا خرجت أيام منى. وقوله في المدونة لا دم عليه في تأخير الطواف وإن خرجت أيام منى ما لم يطل استحسان للاختلاف في الأصل انتهى. فأنت تراه لم يحك وجوب الدم إلا بعد خروج أيام منى لكن في بنائه ذلك على القول بأن آخرها عشر ذي الحجة نظر بل الظاهر على هذا القول كما قال المؤلف أنه يلزم الدم بتأخيره إلى الحادي عشر لكن لم يصرح به بل صرح صاحب الطراز بنفي الخلاف في ذلك ونصه وجملة ذلك أن طواف الإفاضة يجوز تأخيره عن أيام منى حتى مع القول بأن أشهر الحج إلى آخر يوم النحر ولا يختلف المذهب أن من أخره عن يوم النحر لا شيء عليه بل لا يعرف في الأمة خلاف ذلك انتهى. فعلى هذا في إطلاق ابن الحاجب أن فائدة الخلاف تظهر في الدم وقبول ابن عبد السلام والمصنف لذلك وما ذكره عن الباجي نظر أو يكون من اختلاف الطرق ويبقى النظر في نقل المصنف ذلك عبد الحق واللخمي وأشار ابن عرفة إلى أن ظاهر توجيه اللخمي لقول مالك في المدونة المتقدم بأنه استحسان لرعي الخلاف أن الاختلاف في لزوم الدم ليس مبنيا على الخلاف في أشهر الحج قال إثر نقله الخلاف في كلامه المتقدم الباجي فائدة دم تأخير الإفاضة فتوجيه اللخمي قوله فيها إن أفاض قرب أيام منى فلا دم وإن طال فالدم لرعي الخلاف خلافه انتهى ولا يظهر ما أشار إليه ابن عرفة بل صريح كلام اللخمي أن لزوم الدم ترتب على الخلاف إلا أنه لما كان قوله في المدونة "وإن أطال فعليه الدم" غير محدود بوقت ولا يتفرع على قول من أقواله كما قال ابن عبد السلام فإنه لما ذكر التفريع المذكور ذكر بعده لفظ المدونة ثم قال وذلك خارج عما قالوه انتهى وكذلك أشار صاحب الطراز إلى أن قول ابن القاسم بعدم التحديد مخالف للتحديد بآخر ذي الحجة فلما رأى اللخمي ذلك قال إنه استحسان فتأمله والله أعلم. ولم يفرع في التوضيح على القول بأن آخرها أيام الرمي وفرع عليه ابن عبد السلام فقال ومن أوقعه في اليوم الرابع عشر لزمه الدم على مذهب من يرى أن الغاية آخر أيام الرمي وعلى القول الذي قبله انتهى. فتحصل من هذا أن في آخر أشهر الحج ثلاثة روايات والمشهور منها أن آخرها آخر ذي الحجة. وهل الخلاف في ذلك خلاف عبارة وهو قول ابن الحاج أو لا وعليه فهل لا خلاف في عدم لزوم الدم بتأخيره عن يوم النحر وهو قول سند وظاهر كلام اللخمي وعبد الحق أو يدخله الخلاف أيضا وهو ظاهر ما نقل عن الباجي.
الصفحة 23
615