كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)
..............................................................................................
ـــــــ
أشهر الحج ولمن فاته الحج وبقي على إحرامه إلى قابل تقديم الطواف والسعي مع الكراهة والله أعلم. وجعل ابن بشير وتابعوه سبب الخلاف هل إيقاعه في أشهره أولى أو واجب قال في التوضيح وفيه بحث ولم يبينه ولعله من حيث إنه لا يلزم من كونه واجبا أنه لا ينعقد والله أعلم . وقال ابن عبد السلام وربما جعل سبب الخلاف اختلافهم في الإحرام هل هو ركن أو شرط وهذا البحث حسن في إحرام الصلاة وأما هنا فعبارة الأئمة فيه أنه ركن ولكن من جوز تقديمه تمسك بقوله تعالى {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: من الآية189] الآية. ووجد الدليل أن الألف واللام في الأهلة للعموم. فعلى هذا كل هلال يصح أن يكون ميقاتا للناس في انتفاعاتهم الدنيوية وفي الحج وذلك مستلزم لصحة انعقاد الحج في كل زمان وكذلك ما روي عن غير واحد من الصحابة في فضل الحج أنه يحرم به من دويرة أهله وكثير من المنازل لا يمكن الوصول منها إلى مكة إلا إذا خرج منها قبل شوال . ومن لم يصحح الإحرام تمسك بقوله {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: من الآية197] وهذا خاص إذا نسب إلى دليل الأولين والأثر المذكور ليس عن جميعهم وإما هو رأي لبعضهم انتهى. وما ذكره في الإحرام هل هو ركن أو شرط قد علمت ما فيه وأنه لا منافاة بين ذلك وظاهر كلامه ترجيح دليل القول الثاني وقد علمت جوابه ودليل الأول والله أعلم . وقال في النكت اعترض علينا مخالفنا في هذه المسألة بالإحرام في الصلاة قبل وقتها وأصل الحج مباين للصلاة في أمور شتى قال الأبهري وجدنا الحج لا بد له أن يوقع في وقته وهو الوقوف بعرفة فلذلك جاز الإحرام قبل أشهره لأنه لا يؤدي ذلك إلى الخروج منه قبل أشهره بخلاف الصلاة لو جوزنا الدخول فيها قبل وقتها لخرج منها قبل وقتها انتهى. فإن قيل ما الفرق بين الميقات الزماني والمكاني على مقابل المشهور مع أن مراعاة المكان أولى لشرفه لقرب البيت فالجواب أنه عليه السلام قال في المكاني هن لهن ولمن أتى عليهن فبين أن هذه الأماكن محصورة في الناسكين ولم يحصر الناسكين فيها فجاز التقديم. والميقات الزماني على العكس لأنه حصر النسك قاله القرافي وغيره انتهى. تنبيهات: الأول: قال في النوادر عن محمد ولا أحب لأحد أن يحرم بالحج في غيرأشهر الحج فإن فعل لزمه وإن أحرم في المحرم إلى ذي الحجة لزمه ولا يزال ملبيا محرما حتى يرمي ويحلق انتهى. ونقله في الطراز وحكم ما بعد طلوع فجر يوم النحر إلى أول المحرم حكم ما بعده لأنه قد صرح في الطراز بأن المغمى عليه إذا لم يفق حتى فات الوقوف لم يطلب بالإحرام وكذلك النصراني إذا أسلم ولأن كلام ابن عرفة شامل لذلك لأنه لما ذكر أن ميقات إحرام الحج ما تقدم قال فلا يحرم قبله فإن فعل انعقد. ونقل اللخمي لا ينعقد ومال إليه انتهى. فقوله فلا يحرم قبله شامل لذلك وقول القرافي في تعليل الكراهة بقاء من فاته الحج على إحرامه إلى قابل بعد وصوله إلى مكة لأنه أحرم قبل ميقاته الزماني ونصه قال سند يكره له البقاء على الإحرام خشية ارتكاب المحظورات ولأنه أحرم بالحج قبل ميقاته الزماني بسنة وهو
الصفحة 26
615