كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)
..........................................................................................
ـــــــ
إلى منى فأهلوا بالحج وفي الموطأ عن ابن جريج أنه سأل ابن عمر فقال رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها وساق الحديث إلى أن قال ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى كان يوم التروية ووجه المذهب ما رواه مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال "يا أهل مكة ما بال الناس يأتون شعثا وأنتم مدهنون أهلوا إذا رأيتم الهلال" ولم يعرف أحد أنكر على عمر وقد قال عليه السلام الحاج أشعث أغبر وهذا لما يكون لبعد الإحرام من الوقوف روى مالك عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير أقام بمكة سبع سنين يهل لهلال ذي الحجة وعروة بن الزبير معه يفعل ذلك فهذا ابن الزبير يفعله بمحضر من الصحابة والتابعين فدل على أنه إجماع وأنه العادة المعروفة عندهم من الآباء وسنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث جابر محمول على الجواب ولقرب إحرامهم من إحلالهم وأثر ابن عمر حجة لنا لأنه قال لم أر أحدا من أصحابك فدل على أن الجميع غيره على ما قلنا على أنه روى مالك عنه أنه رجع إلى ما قلنا وقال التادلي قال في الإكمال المستحب عند كثير من العلماء للمكي أن يهل يوم التروية ليكون إحرامهم متصلا بسيرهم وتلبيتهم مطابقة لمبادرتهم للعمل واستحب بعضهم أن يكون لأول ذي الحجة ليلحقهم من المشقة ما لحق غيرهم والقولان عن مالك انتهى وهذا القول الثاني قول مالك في الموطأ الباجي وعليه كان جمهور الصحابة انتهى كلام التادلي والله أعلم
السادس: قال ابن عرفة روى الشيخ لا يقيم محرم مطلقا بأرضه إلا إقامة المسافر انتهى ونص النوادر ومن أهل بحج أو عمرة فلا يقيم بأرضه إلا إقامة المسافر انتهى.
فرع: سئل سحنون عن المحرم هل له أن يسافر اليوم واليومين والثلاثة قال نعم لا بأس بذلك وليس هو مثل المعتكف قال ابن رشد وهذا كما قال لأن المحرم له أن يتصرف في حوائجه ويبيع ويشتري في الأسواق وقال الله عز وجل {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً} [البقرة: من الآية198] يعني التجارة في مواسم الحج فحاله غير حال المعتكف في السفر أيضا إن أراده انتهى من أوائل سماع سحنون من كتاب الحج والله أعلم. وأما المسألة الثانية في كلام المؤلف وهي من أحرم قبل ميقاته المكاني كره له ذلك وصح إحرامه فما ذكره من صحة إحرامه وانعقاده فلا خلاف فيه وتقدم الفرق بينه وبين الميقات الزماني على القول بعدم انعقاد الإحرام قبله وما ذكره من الكراهة هو المشهور من المذهب كما صرح به سند وغير واحد قال في التوضيح وأما كراهة تقديمه فهو الذي يحكيه العراقيون عن المذهب من غير تفصيل وهو ظاهر المدونة وفي الموازية لا بأس أن يحرم من منزله إذا كان قبل الميقات ما لم يكن منزله قريبا فيكره له ذلك انتهى. وما ذكره عن الموازية ذكر في النوادر أنه رواه عن مالك قال ومن أحرم من بلده قبل الميقات فلا بأس بذلك غير أنا نكره لمن قارب الميقات أن يحرم قبله وقد أحرم ابن عرم من بيت المقدس وأحرم من الفرع كأن خرج لحاجة ثم بدا له فأحرم انتهى.
الصفحة 28
615