كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)
...........................................................................................
ـــــــ
الإحرام بالعمرة وإن كره له ابتداء إلا أنه يمتنع من فعلها حتى يخرج وقت الحج.
قال محمد فإن جهل فأحرم في آخر أيام الرمي قبل غروب الشمس وقد كان تعجل في يومين أو لم يتعجل وقد رمى في يوميه فإن إحرامه يلزمه ولكن لا يحل حتى تغيب الشمس وإحلاله قبل ذلك باطل يريد أنه لا يطوف حتى تغرب الشمس انتهى. وقوله ووقت الفعل ملحق بالفعل على ما بينا يشير به إلى ما قاله في تعليل كون المتعجل لا يحرم بالعمرة إلا بعد غروب الرابع عند مالك خلافا لغيره ونصه راعى مالك وقت الرمي ووقته إلى آخر أيام التشريق لأنه لا دم على من أخر رمي الثالث إلى قبل الغروب وللوقت تأثير في المنع لأن من اعتمر قبل الزوال في أيام الرمي لا تشغله عمرته من فعل الرمي في وقته إذ وقته قبل الزوال فلو كان المنع لمجرد فعل الرمي لاختص بوقت فعله ولما منع من العمرة في غير وقت الرمي كان للزمان تأثير في المنع في حق الحاج انتهى. فعلم من كلامه أن المنع منها بعد رمي الرابع إنما هو على الكراهة وعلم مما نقله في الطراز عن الموازية أن المتعجل أيضا يمنع من الإحرام بالعمرة ولا ينعقد إحرامه بها إلا بعد دخول وقت رمي الرابع. وفي شرح الجلاب للتلمساني ما يدل على ذلك ونحوه للشبيبي في شرح الرسالة في آخر كتاب الحج. ونص كلام الشبيبي وجميع السنة لها وقت إلا أيام منى لمن حج فإذا غربت الشمس من آخر أيام التشريق جاز الإحرام بها فإن أحرم قبل الزوال من آخر أيام التشريق لم ينعقد إحرامه ولا قضاء عليه وإن أحرم بعد الزوال وقبل الغروب انعقد إحرامه وأخر السعي والطواف إلى الغروب فإن فعلها أو شيئا منها قبل الغروب لزمه إعادته بعد الغروب انتهى. وقال المصنف في مناسكه وأما الزماني ففي جميع أيام السنة وفي يوم النحر وأيام التشريق إلا أن يحرم بالحج فيمتنع عليه الإحرام بها من حين إحرامه إلى آخر أيام التشريق ولا يعتمر حتى يفرغ من حجه ولو نفر في اليوم الأول لم ينعقد إحرامه بها وكذلك لا ينعقد إذا أحرم بها قبل رميه لليوم الثالث ولا يلزمه أداؤها ولا قضاؤها فيكره له أن يحرم بعد رميه وقبل غروب الشمس من آخر أيام التشريق وإن أحرم حينئذ لزمه الإحرام بها ومضى فيها حتى يتمها بشرط أن يكون طاف للإفاضة. وعلى هذا فلا تنعقد إلا بشرطين أن يرمي لليوم الثالث وأن يطوف للإفاضة. وإذا أحرم بها حينئذ فلا يفعل منها فعلا إلا بعد الغروب ولو طاف وسعى فهما كالعدم. انتهى ونحوه في التوضيح.
إذا علم ذلك فنرجع إلى كلام المصنف في مختصره لنقول ظاهره بل صريحه أن من أحرم بالحج يمتنع منه الإحرام ولا ينعقد إلى أن يتحلل من الحج بتحليله الأصغر والأكبر وهما رمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة والسعي بعده إن كان لم يقدم السعي ثم بعدهما يكره له الإحرام بها وينعقد وهو وإن كان لم يذكر الانعقاد وعدمه في كلامه إلا أنه معناه وبه فسره شارحاه. وشمل ذلك ما لو وقع منه التحللان في يوم النحر أو بعده وهو مخالف لما تقدم من نصوص المذهب في الوجهين كما قد علمت وكلامه في توضيحه ومناسكه في غاية الحسن والله أعلم.
الصفحة 33
615