كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)

ولها وللقران الحل والجعرانة أولى ثم التنعيم.
ـــــــ
والعمرة سواء إلا من منزله في الحرم أو بمكة فعليه في العمرة أن يخرج للحل وأقل ذلك التنعيم ما بعد مثل الجعرانة فهو أفضل ولو خرج الطارئ إلى ميقاته كان أفضل انتهى. وقال في الجلاب والعمرة من الميقات أفضل منها من الجعرانة أو التنعيم. قال التلمساني إنما قال ذلك لأن الأصل في الإحرام إنما هو من الميقات وإنما رخص لمن بمكة من الجعرانة أو التنعيم وإن لم يبلغوا مواقيتهم وإلا فالأفضل لهم الإحرام من مواقيتهم انتهى. وفهم من كلام التلمساني أن كلام ابن الجلاب في غير أهل مكة وهو ظاهر والله أعلم. ص: "ولها وللقران الحل والجعرانة أولى ثم التنعيم" ش: يعني أن الميقات المكاني للعمرة والقران لمن كان بمكة طرف الحل من أي جهة كانت ولو بخطوة واحدة والأفضل أن يبعد عن طرف الحل. وأفضل جهات الحل الجعرانة لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر منها ولبعدها ثم يليها في الفضل التنعيم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر السيدة عائشة أن تعتمر منها. وقوله هنا "ثم التنعيم" أحسن من قوله في مناسكه "أو التنعيم" لأنه لا يقتضي تفضيل الجعرانة على التنعيم وقد تقدم التصريح بأفضليتها في كلام النوادر. والجعرانة بالتخفيف والتشديد. وصوب الشافعي الأول وقال إن التشديد خطأ وأكثر المحدثين على التشديد وقال في القاموس الجعرانة وقد تكسر العين وتشدد الراء. وقال الشافعي التشديد خطأ موضع بين مكة والطائف انتهى. وهي إلى مكة أقرب بكثير لأن بينها وبين مكة ثمانية عشر ميلا. وظاهر كلام أهل المذهب أن الجهات بعدهما متساوية. وزاد الشافعية بعد التنعيم الحديبية لأن النبي صلى الله عليه وسلم تحلل فيها. وهي بضم الحاء وفتح الدال المهملتين ويجوز في يائها الثانية التخفيف والتشديد وصوب الشافعي التخفيف وأكثر المحدثين على التشديد والله أعلم.
فوائد: الأولى: اعتمار النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة كان في ذي القعدة حين قسم غنائم حنين كما ثبت ذلك في الصحيح. وذكر المحب الطبري عن الواقدي أن إحرامه بالعمرة منها كان ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من ذي القعدة. ثم قال المحب الطبري ومنها يحرم أهل مكة في كل عام في ليلة سبع عشرة من ذي القعدة وذلك خلاف ما ذكره الواقدي انتهى. قال القاضي تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام وما ذكره المحب الطبري يخالف ما أدركنا عليه أهل مكة فإنهم يخرجون من مكة في اليوم السادس عشر من ذي القعدة ويقيمون اليوم السابع عشر بالجعرانة ويصلون المغرب بها ليلة الثامن عشر ويحرمون ويتوجهون إلى مكة وهو يلائم ما ذكره الواقدي إلا أن في بعض السنين يحصل للناس خوف فيخرجون من الجعرانة محرمين قبل الغروب من اليوم السابع عشر وربما خرجوا منها قبل صلاة العصر وبعده قبل الغروب

الصفحة 38