كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)
......................................................................................
ـــــــ
انتهى وعلى ما ذكره القاضي تقي الدين أدركنا عليه عمل أهل مكة لكن يخرج الكثير منهم قبل صلاة العصر وبعدها قبل الغروب من غير حصول خوف. وفي هذا الفعل الذي يفعلونه أمور منها أنهم يفعلونها قبل الوقت الذي فعلها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان. ومنها أن الإحرام بالعمرة في هذا الوقت يفيت فضيلة الإفراد بالحج لمن يحج في عامه. ومنها اتخاذ ذلك سنة في كل عام والنبي صلى الله عليه وسلم إنما صادف اعتماره هذا في ذلك الوقت ولم يشهر ذلك ولم يأمر به. ومنها أن هناك حجرا محفورا يسمونه صحفة النبي صلى الله عليه وسلم وصخرة عظيمة يسمونها ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فيجتمع الرجال والنساء عندهما ويعجنون في الصحفة عجينا ويقطعونه قطعا صغارا يضعونها في الدراهم للبركة ويحملون من مائها ويصرون ذلك مع قطع العجين للمقيمين بمكة. ومن فضائل الجعرانة أن ما ذكره الجندي عن ابن مالك أنه اعتمر من الجعرانة ثلاثمائة نبي وفيها ماء شديد العذوبة يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم فحص موضع الماء بيده المباركة فانبجس فشرب منه وسقى الناس. ويقال إنه غرز فيه رمحه فنبع. وقد استوفيت الكلام على ذلك مع مزيد فوائد عديدة تتعلق بأحكام العمرة والجعرانة والتنعيم في شرح مناسك الشيخ خليل فمن أراد الشفاء في ذلك فليراجعه والله أعلم.
الثانية أمره صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أن يخرج بأخته عائشة رضي الله عنها كان في حجة الوداع. وذلك أنها أحرمت بالعمرة فحاضت قبل أن تطوف وتسعى للعمرة وأدركهم وقت الوقوف قبل أن تطهر فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تردف الحج على العمرة فلما قضت الحج قالت يرجع الناس بنسكين وارجع أنا بنسك واحد يعني يرجع الناس بنسكين مفردين وترجع هي بنسك واحد أي بصورة نسك فإن عمل العمرة اضمحل فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم. وفي بعض روايات الحديث وهذه مكان عمرتك وتقدم في عبارة ابن رشد أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء عمرتها بعد انقضاء حجها وتقدم أن المعنى في ذلك أن صورتها صورة القضاء لا أنها قضاء حقيقة إذ لا يلزمها قضاء وإنما يستحب لها أن تأتي بعمرة كما سيأتي عند قول المصنف وإن أردف الخوف فوات أو لحيض. وفي مراسيل أبي داود عن ابن سيرين قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل مكة التنعيم. وقال سفيان هذا حديث لا يعرف والله أعلم.
الثالثة قال سند وقد رغب الشرع في العمرة في رمضان لما يرجى من تضاعف الحسنات ففي الموطأ عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني كنت قد تجهزت للحج فاعترض لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم اعتمري في رمضان فإن عمرة فيه بحجة. روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد الحج فقالت امرأة لزوجها أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث إلى أن قال إنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجة معك فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأها السلام ورحمة الله وأخبرها أنها تعدل حجة معي عمرة في رمضان. خرجه أبو داود انتهى.
الصفحة 39
615