كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 4)
وإن لحيض رجي رفعه
ـــــــ
عليه الدم انتهى. ونحوه في كلام صاحب التلقين وغير واحد من أهل المذهب. وقال في الطراز بعد أن ذكر لفظ المدونة هذا يقتضي أن ذلك يجب عليهم حتى إنهم إن أخروا عن ذي الحليفة أهدوا. وقال في المختصر وأحب لأهل المشرق إن مروا بذي الحليفة أن يحرموا منها. وهذا يقتضي أن ذلك على الاستحباب ثم وجه كلا من القولين ثم قال والأول أبين انتهى. وقال في النوادر بعد أن ذكر كلام مالك في المختصر وقال في المدونة ليس لمن مر بها من أهل العراق أن يجاوزها لأنه لا يتعداه إلى ميقات له انتهى. فنبه على أنه خلاف مذهب المدونة. ويوجد في بعض نسخ ابن عبد السلام بعد أن ذكر كلام المختصر وهو خلاف المدونة ولم يذكر المصنف في التوضيح ولا ابن عرفة القول الثاني فتأمله والله أعلم. ص: "وإن لحيض رجي رفعه" ش: يعني أن إحرام الحائض من أهل مصر والشام ونحوهم من الحليفة أولى من تأخيرهم الإحرام إلى الجحفة وإن أدى ذلك إلى إحرامها الآن من غير صلاة وكانت ترتجي إذا أخرت إلى الجحفة أن تطهر وتغتسل وتصلي للإحرام وقال في الطراز في باب ما يفعل عند الإحرام. وقال مالك في المختصر لا تؤخر إلى الجحفة رجاء أن تطهر وهو بين لأن الإحرام بذي الحليفة أفضل إجماعا فإنها تقيم في العبادة أياما قبل أن تصل إلى الجحفة فلا يفي غسلها بفضل تقدمه إحرامها من ميقات النبي صلى الله عليه وسلم اه.
قلت: وفي قوله لا يفي غسلها نظر لأنه يقتضي أن الحائض لا تغتسل وليس كذلك كما صرح به هو غيره ولعله أراد أن يقول فلا يفي ركوعها لأن الركوع هو الذي يفوتها في تعجيل الإحرام من ذي الحليفة. ووقع له ذلك أيضا في موضع آخر قبل هذا ونصه إن كانت الحائض والنفساء من أهل ذي الحليفة وأمكنها المقام في أهلها حتى تطهر فاستحسن الشافعي أن لا تعجل بالسفر إن لم تدعها إليه ضرورة وتؤخر حتى تطهر فتغتسل وتركع وتحرم على أكمل حالها. وقال مالك عند محمد تغتسل ولا تؤخر لانتظار الطهر وهو بين فإنها إذا أحرمت من الآن دخلت في العبادة والذي يفوتها من الفضيلة بالحرمان فوق ما يفوتها من فضيلة الغسل بعد أيام وزمان انتهى. ونقله ابن عبد السلام في الكلام على سنن الإحرام وذكره في الشامل أيضا. وفي كلام سند الأخير فائدة أخرى وهي التصريح بأن الحائض والنفساء إذا كانتا ممن يجب عليهما الإحرام من ذي الحليفة لا يرخص لهما عند مالك في تأخير الإحرام إلى الجحفة رجاء أن تطهر وهو ظاهر كلام النوادر ونصه ولا تؤخر الحائض من
الصفحة 51
615