كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 4)
فصل
الثاني: المضاربة وهي أن يدفع ماله إلى آخر يتجر فيه.
ـــــــ
تنبيه: كل عقد فاسد من أمانة وتبرع بمضاربة وشركة ووكالة ووديعة كصحيح في ضمان وعدمه وكل عقد لازم يجب الضمان في صحيحه يجب في فاسده كبيع وإجارة ونكاح.
فصل
"الثاني: المضاربة" وهي تسمية أهل العراق مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة قال تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل:20] ويحتمل أن تكون من ضرب كل منهما بسهم من الربح وسماه أهل الحجاز قراضا فقيل هو مشتق من القطع يقال قرض الفأر الثوب أي: قطعه فكأن صاحب المال اقتطع منه قطعة وسلمها إلى العامل واقتطع له قطعة من ربحها وقيل: هو مشتق من المساواة والموازنة يقال تقارض الشاعران إذا توازنا
وهي جائزة بالإجماع حكاه ابن المنذر وروى حميد بن عبدالله عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب أعطاه مال يتيم مضاربة يعمل به في العراق وروي جوازه عن عثمان وعلي وابن مسعود وحكيم بن حزام ولم يعرف لهم مخالف مع أن الحكمة تقتضيه لأن بالناس حاجة إليها فإن النقدين لا تنمي إلا بالتجارة وليس كل من يملكها يحسن التجارة ولا كل من يحسنها له مال فشرعت لدفع الحاجة
"وهي أن يدفع ماله إلى آخر يتجر فيه" يشترط في المال المدفوع أن يكون معلوما فلو دفع صبرة نقد أو أحد كيسين لم يصح قوله إلى آخر ليس شرطا فيه فلو دفعه إلى اثنين فأكثر مضاربة في عقد واحد جاز قوله يتجر فيه ظاهر.