كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 4)

وقد نص أحمد في رواية جماعة فيمن قال آجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها أنه يصح وهذه مزارعة بلفظ الإجارة ذكره أبو الخطاب وقال أكثر أصحابنا هي إجارة والأول أقيس وأصح وهل تصح على ثمرة موجودة على روايتين.
ـــــــ
أبو الخطاب لأن الإجارة يشترط لها ما لا يشترط للمساقاة وهما مختلفان في اللزوم والجواز فلم تصح بلفظ الإجارة كما لا تصح بلفظ البيع.
"وقد نص أحمد في رواية جماعة فيمن قال آجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها أنه يصح وهذه مزارعة بلفظ الإجارة ذكره أبو الخطاب" فعبر بالإجارة عن المزارعة على سبيل المجاز كما يعبر عن الشجاع بالأسد فعلى هذا يكون نهيه عن كراء الأرض بثلث ما يخرج منها أنه ينصرف إلى الإجارة الحقيقية لا المزارعة.
"وقال: أكثر أصحابنا هي إجارة" لأنها مذكورة بلفظها فتكون إجارة حقيقية ويشترط فيها شروط الإجارة وتصح ببعض الخارج منها كما تصح بالدراهم ونص عليه واختاره الأكثر وعنه: لا اختاره ابوالخطاب والمؤلف وقيل: تكره وإن صح إجارة أو مزارعة فلم يزرع نظر إلى معدل المغل فيجب القسط المسمى فيه "والأول أقيس وأصح" دليلا عنده إذ الخبر يدل عليه واللفظ قد يعدل عن حقيقته إلى مجازه لدليل.
"وهل تصح على ثمرة موجودة؟" لم تكمل وعلى زرع نابت ينمي بالعمل "على روايتين" إحداهما: لا يجوز لأنه عليه السلام عامل أهل خيبر بشطر ما تخرج منها من ثمر أو زرع وذلك مفقود هنا ولأن الثمرة إذا ظهرت فقد حصل المقصود وصار بمنزلة مضاربته على المال بعد ظهور الربح والثانية: وهي الأصح الجواز لأنها إذا جازت في المعدوم مع كثرة الغرر فيها فمع وجودها وقلة الغرر فيها أولى ومحلها إذا بقي من العمل ما تزيد به الثمرة كالتأبير والسقي والإصلاح فإن بقي ما لا تزيد به كالجداد لم يجز بغير خلاف.

الصفحة 309