كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 4)
والمساقاة عقد جائز في ظاهر كلامه لا تفتقر إلى ذكر مدة ولكل واحد منهما فسخها فمتى انفسخت بعد ظهور الثمرة فهي بينهما.
وإن فسخ العامل قبل ظهورها فلا شيء له وإن فسخ رب المال فعليه للعامل أجرة عمله.
وقيل: هي عقد لازم
ـــــــ
"والمساقاة عقد جائز في ظاهر كلامه" وكذا المزارعة أومأ إليه أحمد في رواية الأثرم وقد سئل عن الأكار يخرج من الضيعة من غيرأن يخرجه صاحبها فلم يمنعه من ذلك ذكره ابن حامد وقاله بعض المحدثين لما روى مسلم عن ابن عمر في قضية خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نقركم على ذلك ما شئنا" ولو كان لازما لم يجز بغير تقدير مدة ولا أن يجعل الخيرة إليه في مدة إقرارهم ولأنها عقد على جزء من نماء المال فكانت جائزة كالمضاربة.
"لا تفتقر إلى ذكر مدة" لأنه عليه السلام لم يضرب لأهل خيبر مدة ولا خلفاؤه من بعده وكما لا تفتقر إلى القبول لفظا "ولكل واحد منهما فسخها" لأنه شأن العقود الجائزة "فمتى انفسخت بعد ظهور الثمرة فهي بينها" على ما شرطاه لأنها حدثت على ملكيهما ويلزم العامل تمام العمل كالمضارب.
"وإن فسخ العامل قبل ظهورها فلا شيء له" لأنه رضي بإسقاط حقه فهو كعامل المضاربة والجعالة "وإن فسخ رب المال" أي: قبل ظهور الثمرة "فعليه للعامل أجرة عمله" أي: أجرة مثله لأنه منعه من إتمام عمله الذي يستحق به العوض كجعالة وفارق رب المال في المضاربة إذا فسخها قبل ظهور الربح لأن هذا يفضي إلى ظهور الثمرة غالبا فلولا الفسخ لظهرت الثمرة فملك نصيبه منها بخلاف المضاربة فإنه لا يعلم إفضاؤها إلى الربح. "وقيل: هي عقد لازم" في قول أكثر الفقهاء لأنه عقد معاوضة فكان لازما كالإجارة إذ لو كانت جائزة لملك رب المال فسخها إذا ظهرت فيسقط سهم العامل فيتضرر.