كتاب غاية المقصد فى زوائد المسند (اسم الجزء: 4)

3816 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، يَعْنِى ابْنَ مُبَارَكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، وَهُوَ أَبُو شُجَاعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ الْحَضْرَمِىَّ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ نَاشِرَةَ بْنِ سُمَىٍّ الْيَزَنِىِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ فِى يَوْمِ الْجَابِيَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ: وَإِنِّى أَعْتَذِرُ إِلَيْكُمْ مِنْ عزل خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، إِنِّى أَمَرْتُهُ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الْمَالَ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَعْطَى ذَا الْبَأْسِ، وَذَا السَّيوَفِ، وَذَا اللَّسَانَ، فَعَزَلْتُهُ، وَوَلّيْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: وَاللَّهِ مَا أَعْذَرْتَ يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ، لَقَدْ نَزَعْتَ عَامِلاً اسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَغَمَدْتَ سَيْفًا سَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَوَضَعْتَ لِوَاءً نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ قَطَعْتَ الرَّحِمَ، وَحَسَدْتَ ابْنَ الْعَمِّ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ، حَدِيثُ السِّنِّ، مُغْضَبٌ فِى ابْنِ عَمِّكَ.
مناقب عمرو بن العاص
3817 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِى -[39]- يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ، عَنْ رَاشِدٍ، مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِى أَوْسٍ الثَّقَفِىِّ، [عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى أَوْسٍ] ، قَالَ: حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ فِيهِ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفْنَا مِنَ الأَحْزَابِ عَنِ الْخَنْدَقِ جَمَعْتُ رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ، كَانُوا يَرَوْنَ مَكَانِى، وَيَسْمَعُونَ مِنِّى، فَقُلْتُ لَهُمْ: تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ إِنِّى لأَرَى أَمْرَ مُحَمَّدٍ يَعْلُو الأُمُورَ عُلُوًّا [كَبِيرًا] مُنْكَرًا، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أمرًا فَمَا تَرَوْنَ فِيهِ؟ قَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَلَت: رَأَيْتُ أَنْ نَلْحَقَ بِالنَّجَاشِىِّ، فَنَكُونَ عِنْدَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى قَوْمِنَا كُنَّا عِنْدَ النَّجَاشِىِّ، فَإِنَّا أَنْ نَكُونَ تَحْتَ يَدَيْهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نَكُونَ تَحْتَ يَدَىْ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ ظَهَرَ قَوْمُنَا فَنَحْنُ مَنْ قَدْ عُرِفوا، فَلَنْ يَأْتِيَنَى مِنْهُمْ إِلاَّ خَيْرٌ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الرَّأْىُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ: فَاجْمَعُوا لِى مَا نُهْدِى لَهُ، وَكَانَ أَحَبَّ مَا يُهْدَى إِلَيْهِ مِنْ أَرْضِنَا الأَدَمُ، فَجَمَعْنَا لَهُ أُدْمًا كَثِيرًا، ثم خَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّا لَعِنْدَهُ إِذْ جَاءَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىُّ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ فِى شَأْنِ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، فلما دَخَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ لأَصْحَابِى: هَذَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىُّ لَوْ قَدْ دَخَلْتُ عَلَى النَّجَاشِىِّ فَسَأَلْتُهُ إِيَّاهُ، فَأَعْطَانِيهِ فَضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنِّى قَدْ أَجْزَأْتُ عَنْهَا حِينَ قَتَلْتُ رَسُولَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَجَدْتُ لَهُ كَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِصَدِيقِى أَهْدَيْتَ لِى مِنْ بِلاَدِكَ شَيْئًا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَيُّهَا الْمَلِكُ قَدْ أَهْدَيْتُ لَكَ أُدْمًا كَثِيرًا، قَالَ: ثُمَّ قَدَّمْتُهُ إِلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ وَاشْتَهَاهُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنِّى قَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً خَرَجَ مِنْ عِنْدِكَ، وَهُوَ رَسُولُ رَجُلٍ عَدُوٍّ لَنَا، فَأَعْطِنِيهِ لأَقْتُلَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ أَصَابَ مِنْ أَشْرَافِنَا وَخِيَارِنَا، قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ فَضَرَبَ بِهَا أَنْفَهُ ضَرْبَةً ظَنَنْتُ أَنْ قَدْ كَسَرَهُ، فَلَوِ -[40]- انْشَقَّتْ لِىَ الأَرْضُ لَدَخَلْتُ فِيهَا فَرَقًا مِنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَاللَّهِ لَوْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَكْرَهُ هَذَا مَا سَأَلْتُهُ، فَقَالَ لَهُ: أَتَسْأَلُنِى أَنْ أُعْطِيَكَ رَسُولَ رَجُلٍ يَأْتِيهِ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ الَّذِى كَانَ يَأْتِى مُوسَى لِتَقْتُلَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، أَكَذَا هُوَ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا عَمْرُو، أَطِعْنِى وَاتَّبِعْهُ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَعَلَى الْحَقِّ، وَلَيَظْهَرَنَّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ كَمَا ظَهَرَ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ، قَالَ: قُلْتُ: وتَبَايِعْنِى لَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، قَالَ: نَعَمْ، فَبَسَطَ يَدَهُ وَبَايَعْتُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِى، وَقَدْ حَالَ رَأْيِى عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَكَتَمْتُ أَصْحَابِى إِسْلامِى، ثُمَّ خَرَجْتُ عَامِدًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأُسْلِمَ، فَلَقِيتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَذَلِكَ قُبَيْلَ الْفَتْحِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: [أَيْنَ] يَا أَبَا سُلَيْمَانَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقَامَ الْمَنْسِمُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَنَبِىٌّ أَذْهَبُ فأُسْلِمُ فَحَتَّى مَتَى؟ قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا جِئْتُ إِلاَّ لأُسْلِمَ، قَالَ: فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدِمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَسْلَمَ وَبَايَعَ، ثُمَّ دَنَوْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَغْفِرَ لِى مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِى وَلاَ أَذْكُرُ، وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عَمْرُو بَايِعْ، فَإِنَّ الإِسْلاَمَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَإِنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا، قَالَ: فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ.

الصفحة 38