كتاب غاية المقصد فى زوائد المسند (اسم الجزء: 4)
حَيْثُ شِئْنَا، وَلاَ يَجْنِى على امرىء إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ، فَبَسَطَ يَدَهُ، وَقَالَ: ذَلِكَ لَكَ منها تَحِلُّ حَيْثُ شِئْتَ، وَلاَ يَجْنِى عَلَيْكَ، إِلاَّ نَفْسُكَ، قَالَ: فَانْصَرَفْنَا، ثُمَّ قَالَ: ها إِنَّ هَذَيْنِ ها إِنَّ ذَيْن لَعَمْرُ إِلَهِكَ أن حدثت إلا أنهم مِنْ أَتْقَى النَّاسِ فِى الأُولَى وَالآخِرَةِ. فَقَالَ لَهُ كَعْبُ ابْنُ الْخُدْرِيَّةِ، أَحَدُ بَنِى بَكْرِ بْنِ كِلاَبٍ، مِنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَنُو الْمُنْتَفِقِ أَهْلُ ذَلِكَ، قَالَ: فَانْصَرَفْنَا وَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لأَحَدٍ فيما مَضَى مِنْ خَيْرٍ فِى جَاهِلِيَّتِهِمْ؟ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ عُرْضِ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ الْمُنْتَفِقَ فِى النَّارِ، قَالَ:
فَلَكَأَنَّهُ وَقَعَ حَرٌّ بَيْنَ جِلْدِى وَوَجْهِى مِمَّا قَالَ لأَبِى عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ وَأَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِذَا الأُخْرَى أَجْمَلُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَهْلُكَ؟ قَالَ: وَأَهْلِى لَعَمْرُ اللَّهِ، مَا أَتَيْتَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْرِ عَامِرِىٍّ أَوْ قُرَشِىٍّ، فَقُلت: أَرْسَلَنِى إِلَيْكَ مُحَمَّدٌ أُبَشِّرُكَ بِمَا يَسُوءُكَ تُجَرُّ عَلَى وَجْهِكَ وَبَطْنِكَ فِى النَّارِ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانُوا يُحْسِنُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ، وَكَانُوا يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ مُصْلِحُونَ؟ قَالَ: ذَاكَ بأَنَّ اللَّهَ بَعَثَ -[420]- فِى آخِرِ كُلِّ سَبْعِ أُمَمٍ، يَعْنِى نَبِيًّا، فَمَنْ عَصَى نَبِيَّهُ، كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ، وَمَنْ أَطَاعَ نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ.
الصفحة 419