كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 4)

على اختلاف طرقه هو الأول (¬1) ولعل ما ذكره أبو موسى جاء في حديث آخر. (ولعله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أول دينكم نبوة ورحمة، ثم ملك أعفر، ثم ملك وجبروت، فيستحل فيه الحِر (¬2) والحرير". قال البيهقي (أ): الحر بكسر الحاء وهو الزنا (ب) قال الأسيري: هكذا رواه الثقات الحفاظ بالراء) (جـ) وهو حافظ عارف بما روى وشرح ولا يتهم، والله أعلم.
وقوله: "والحرير" من عطف العام على الخاص إذا كان الخز (¬3) المراد به الخالص من الحرير كما عرفت وإن كان ثياب الخز (د) مرادًا بها المنسوج من الخز والصوف كما فسر به بعضهم هذا الحديث فهما متغايران، لأن الخز المراد به ما كان مخلوطًا من الحرير والصوف، والحرير يراد به الخالص منه، وهذا عام في التحريم ولا بد من تخصيصه بما يحل منه، وهو ما
¬__________
(أ) في جـ: الباهلي.
(ب) زاد في هـ:
و (جـ) بهامش الأصل، وهـ.
(د) في جـ: الحرير.
__________
(¬1) قال الحافظ: وقد عرف أن المشهور في رواية البخاري بالمهملتين، قال: وكذا في معظم الروايات. الفتح 10/ 55.
(¬2) أخرجه الطبراني وأبو يعلى من حديث أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة ومعاذ قالا: إنه بدأ هذا الأمر بنبوة ورحمة ثم كائن خلافة .. ورحمة ثم كائن ملكًا عضوضًا، ثم كائن عتوًا وجبرية وفساد في الأمة يستحلون الحرير والخمور والفروج والفساد في الأمة ينصرون على ذلك ويرزقون أبدًا حتى يلقوا الله عزَّ وجلَّ. لفظ أبي يعلى 2/ 177 - 178 ح 873 ولفظ الطبراني .. "يستحلون الحرير والفروج والخمور يرزقون على ذلك وينصرون على ذلك حتى يلقوا الله عز وجل". 1/ 156 - 157 ح 367. وعند البزار من حديث أبي عبيدة وليس فيه "يستحلون الحرير" إلخ. 2/ 323 ح 1589. وهو ضعيف، لأن فيه ليث بن أبي سليم، مر في 235 ح 46 وفي دلائل النبوة والطيالسي، نحو لفظ الطبراني وأبي يعلى 6/ 340. 31 ح 228. فلم أقف على لفظ الحر في شيء: من طرق هذا الحديث والله أعلم.
(¬3) قال ابن الأثير: الخز المعروف أولًا ثياب تنسج من صوف إبريسم، وهي مباحة لبسها الصحابة والتابعون، فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين، وإن أريد بالخز النوع الآخر، وهو المعروف الآن، فهو حرام لأن جميعه من الإبريسم وعليه يحمل الحديث "قوم يستحلون الخز". النهاية 2/ 28.

الصفحة 106