كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 4)

النسخ لا يثبت بمجرد الدعوى والاحتمال، وأيضًا فإن ابن عباس (¬1) روى خروجهن كما في الصحيح، وشهده، وهو صغير، وكان ذلك بعد فتح مكة (¬2)، ولا حاجة إليهن لقوة الإسلام حينئذ، وأيضًا فإن في حديث أم عطية معللًا بشهود الخير ودعوة المسلمين (أ) رجاء لنيلهن بركة ذلك وقد أفتت به أم عطية بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة كما أخرجه البخاري (¬3)، ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفتها في ذلك، وما روى عن عائشة: "لو رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن المساجد" (¬4)، لا يدل على تحريم خروجهن ولا على نسخ ذلك بل على بقاء الحكم، وأقول: إن في لفظ حديث أم عطية قرينة على حمل الأمر على الندب وهو قوله: "يشهدن الخير ودعوة المسلمين"، إذ لو كان واجبًا لما علل بذلك، ولكان خروجهن لأداء الواجب عليهن وامتثال الأمر. والله أعلم.

370 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ وعُمر يصلون العيدين قبل الخطبة". متفق عليه (¬5).
¬__________
(أ) في جـ: الإسلام.
__________
(¬1) البخاري 2/ 465 ح 977.
(¬2) لأن والده العباس لم ينتقل إلى المدينة إلا بعد فتح مكة، سير أعلام النبلاء 3/ 333.
(¬3) 2/ 470 ح 981، قلت: ويؤيده حديث جابر عند البخاري وفيه: "فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن. ." قلت (القائل عطاء): أترى حقًّا على الإمام ذلك ويذكرهن؟ قال: إنه لحق عليهم وما لهم لا يفعلونه 2/ 466 ح 978.
(¬4) مسلم 1/ 329 ح 144 - 445.
(¬5) البخاري، كتاب العيدين، باب الخطبة بعد العيد 2/ 453 ح 963، مسلم، نحوه، كتاب صلاة العيدين 5/ 601 ح 8 - 888، الترمذي، الصلاة، باب ما جاء في صلاة العيدين قبل الخطبة 2/ 411 ح 531، النسائي، العيدين، باب صلاة العيدين قبل الخطبة 3/ 149.

الصفحة 19