كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 4)

ويجمع بين الأحاديث بأن من تصدق بماله كله وكان صبورًا على الإضافة ولا عيال له أو له عيال يصبرون فلا كلام في حُسْن ذلك، ويدل عليه قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (¬1) {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} (¬2)، ومن لم يكن بهذه المثابة فهو مكروه له.
وقوله: "ومن يستعفف": يعني عن المسألة، ومن يستغن بما عنده من المال وإن كان دون ما يسد خلته والله أعلم.

482 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "قيل: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المُقِلّ وابدأ بمن تعول" أخرجه أحمد وأبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم (¬3).
قوله: "جُهد: هو بالضم والفتح، فالضم: الوسع والطاقة، وبالفتح: المشقة وقيل: المبالغة والغاية، وقيل هما لغتان لمعنى، وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وقد عرف الجمع بين هذا وبين ما تقدم.

483 - وعنه - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تصدقوا" فقال رجل يا رسول الله: عندي دينار، قال: "تصدق به على نفسك"، قال: عندي آخر، قال: "تصدق به على ولدك"، [قال: عندي آخر، قال: "تصدق به على زوجَتك" [(أ)، قال: عندي آخر، قال:
¬__________
(أ) بحاشية الأصل.
__________
(¬1) الحشر الآية 9.
(¬2) الإنسان الآية 8.
(¬3) أحمد 2: 358، أبو داود الزكاة، باب في الرخصة في ذلك 2: 312 ح 1677، ابن خزيمة الزكاة، باب ذكر الدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فضل صدقة المقلّ 4: 99 ح 2444، ابن حبان الزكاة، باب ذكر البيان بأن من أفضل الصدقة إخراج المقلّ ما عنده 5: 144 ح 3335، الحاكم الزكاة 1: 414.

الصفحة 372