كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 4)

قوله: {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} لأنهم إذا استطاعوا ضربًا في الأرض لتحصيل ما يقوم بهم فقد ملكوا نوعًا من الغنى، وقد أخرج الترمذي من حديث ابن مسعود: "قيل يا رسول الله: وما يغنيه؟ قال خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب" (¬1). وفي إسناده حكيم بن جبير وهو ضعيف (¬2)، وقد روي من حديث شيخه زبيد أبو عبد الرحمن، ولكن أحمد جزم بأن رواية زبيد موقوفة (¬3)، وفي حديث أبي سعيد عند النسائي: "مَنْ سأل وله أوقية فقد أَلْحَفَ" (¬4).
وأخرج أبو داود: "مَنْ سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إِلحافًا" (¬5).
وأخرج من حديث سهل بن الحنظلية قال: قال رسول الله: "مَنْ سأل -وعنده ما يغنيه- فإِنما يستكثر من النار، فقالوا: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: قَدْر ما يغديه ويعشيه" (¬6)، وصححه ابن حبان (¬7).
قال الترمذي (¬8) في حديث ابن مسعود: والعمل على هذا عند بعض أصحابنا كالثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق، قال: ووسع قَوْمٌ في ذلك فقالوا: إذا كان عنده خمسون درهمًا أو أكثر وهو محتاج، فله أن يأخذ
¬__________
(¬1) الترمذي الزكاة، باب ما جاء من تحل له الزكاة 3: 40 ح 650، وقال عقبه: "حديث ابن مسعود حديث حسن وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث".
(¬2) حكيم بن جبير ضعيف، (التقريب 80).
(¬3) الفتح 3: 41، والرواية التي أشار إليها في الترمذي الزكاة، باب ما جاء مَنْ تحل له الزكاة 3: 41 ح 651.
(¬4) النسائي الزكاة، باب من الملحف 5: 73.
(¬5) أبو داود الزكاة، باب من يعطى من الصدقة .... ، 2: 278 - 279 ح 1627.
(¬6) أبو داود الزكاة، باب من يعطى من الصدقة .... ، 2: 280 - 281 ح 1629.
(¬7) ابن حبان، الإحسان 1: 378.
(¬8) الترمذي 3: 41.

الصفحة 382