كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

والقاسم الأربلي، وحلق من هذه الطبقة.
وسمع " المسند " و " الصحيحين " وكتب السنن. وتفقه فِي المذهب حَتَّى برع وأفتى. وبرع أَيْضًا فِي الفرائض والحساب، وعلم الهيئة، وَفِي الأصلين والعربية. وَلَهُ مشاركة قوية فِي الْحَدِيث. ودرس بالحنبلية مدة.
وَكَانَ صاحب صدق وإخلاص، قانعا باليسير شريف النفس، شجاعا مقداما، مجاهدا زاهدا، عابدا ورعا، يخرج من بيته ليلا، ويأوي إليه ليلا، ولا يجلس في مكان معين، بحيث يقصد فيه، لكنه يأوي إلى المساجد المهجورة خارج البلد، فيختلي فيها للصلاة والذكر. وكان كثير العبادة والتأله، والمراقبة والخوف من الله تعالى، ذا كرامات وكشوف.
ومما اشتهر عنه: أَنَّهُ كثير الصدقات، والإِيثار بالذهب والفضة فِي حضره وسفره، مَعَ فقره وقلة ذَات يده. وَكَانَ رفيقه فِي المحمل فِي الحج يفتش رحله فلا يجد فِيهِ شَيْئًا، ثُمَّ يراه يتصدق بذهب كثير جدا. وَهَذَا أمر مشهور معروف عَنْهُ. وحج مرات متعددة.
وَكَانَ لَهُ يد طولى فِي معرفة تراجم السلف ووفياتهم، وهْي التواريخ المتقدمة والمتأخرة. وحبس مَعَ أخيه بالديار المصرية مدة. وَقَد استدعي غير مرة وحده المناظرة، فناظر، وأفحم الخصوم.

الصفحة 479