كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

وَقَالَ: ولما كَانَ معتقلًا بالإِسكندرية: التمس منه صاحب سبتة أَن يجيز لأولاده، فكتب لَهُمْ فِي ذلك نحواً من ستمائة سطر، منها سبعة أحاديث بأسانيدها، والكلام عَلَى صحتها ومعانيها، وبحث وعمل مَا إِذَا نظر فِيهِ المحدث خضع لَهُ من صناعة الْحَدِيث. وذكر أسانيده فِي عدة كتب. ونبَّه على العوالي. عمك ذَلِكَ كله من حفظه، من غَيْر أَن يَكُون عنده ثَبَت أَوْ من يراجعه.
ولقد كَانَ عجيبا فِي معرفة علم الْحَدِيث. فأما حفظه متون الصحاح وغالب متون السنن والمسند: فَمَا رأيت من يُدانيه فِي ذَلِكَ أصلًا.
قَالَ: وَأَمَّا التفسير فمسلم إِلَيْهِ. وَلَهُ من استحضار الآيات من الْقُرْآن - وقت إقامة الدليل بِهَا عَلَى المسألة - قوة عجيبة. وإذا رآه المقرئ تحيز فِيهِ. ولفرط إمامته فِي التفسير، وعظم إطلاعه. يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين. ويُوهي أقوالاً عديدة. وينصر قولًا واحدا، موافقا لما دل عَلَيْهِ الْقُرْآن والحَدِيث. ويكتب فِي اليوم والليلة من التفسير، أو من الفقه، أو من الأصلين، أَوْ من الرد عَلَى الفلاسفة والأوائلَ: نحوا من أربعة كراريس أَوْ أزيد.
قُلْت: وَقَدْ كتب " الحموية " فِي قعدة واحدة. وَهِيَ أزيد من ذَلِكَ. وكتب فِي بَعْض الأحيان فِي اليوم مَا يبيض منه مجلد.
وَكَانَ رحمه اللَّه فريد دهره فِي فَهُم الْقُرْآن. ومعرفة حقائق الإيمان. وَلَهُ يد طولى فِي الْكَلام عَلَى المعارف والأحوال. والتمييز بَيْنَ صحيح

الصفحة 501