كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

قَالَ الذهبي: وغالب حطه عَلَى الفضلاء والمتزهدة فبحق، وَفِي بعضه هُوَ مجتهد، ومذهبه توسعة العذر للخلق، ولا يكفر أحداً إلا بَعْد قيام الحجة عَلَيْهِ.
قَالَ: ولقد نصر السنة المحضة، والطريقة السلفية، واحتج لَهَا ببراهين ومقدمات، وأمور لَمْ يسبق إِلَيْهَا، وأطلق عبارات أحجم عَنْهَا الأولون والآخرون وهابوا، وجسر هُوَ عَلَيْهَا، حَتَّى قام عَلَيْهِ خلق من علماء مصر والشام قياما لا مزيد عَلَيْهِ، وبدعوه وناظروه وكابروه، وَهُوَ ثابت لا يداهن ولا يحابي، بَل يَقُول الحق المرَّ الَّذِي أدَّاه إِلَيْهِ اجتهاده، وحدة ذهنه، وسعة دائرته في السفن والأقوال، مَعَ مَا اشتهر عَنْهُ من الورع، وكمال الفكر، وسرعة الإدراك، والخوف من اللَّه، والتعظيم لحرمات اللَّه.
فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قَدْ رموه عَن قوس واحدة، فينجيه اللَّه، فَإِنَّهُ دائم الابتهال، كثير الاستغاثة، والاستعانة بِهِ، قوي التوكل، ثابت الجأش، لَهُ أوراد وأذكار يُدْمنها بكيفية وجمعية. وَلَهُ من الطرف الآخر محبون من الْعُلَمَاء والصلحاء، ومن الجند والأمراء، ومن التجار والكبراء، وسائر العامة تحبه؛ لأنه منتصب لنفعهم ليلًا ونهارًا، بلسانه وقلمه.

الصفحة 506