كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

بالناس صلاة لا تكون أطول من ركوعها وسجود. وربما قام لمن يجيء من سفر أَوْ غاب عَنْهُ، وإذا جاء فربما يقومون لَهُ، الكل عنده سواء، كَأَنَّهُ فارغ من هذه الرسوم، وَلَمْ ينحنِ لأحد قط، وإنما يسلم ويصافح ويبتسم. وَقَدْ يعظم جليسه مرة، ويهينه فِي المحاورة مرات.
قُلْت: وَقَدْ سافر الشيخ مرة عَلَى البريد إِلَى الديار المصرية يستنفر السلطان عِنْدَ مجيء التتر سنة من السنين، وتلا عَلَيْهِم آيات الجهاد، وَقَالَ: إِن تخليتم عن الشام ونصرة أهله، والذبِّ عَنْهُم، فَإِن اللَّه تَعَالَى يقيم لهمِ من ينصرهم غيركم، ويستبدل بكم سواكم. وتلا قَوْله تَعَالَى: " وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِل قَوْمًا غيرَكْم ثُمَ لاَ يكُونُوا أمْثَالَكم " " محمد: ٣٨ " وقوله تَعَالَى: " إِلا تَنْفرُوا يُعَذِّبْكم عَذَاباً ألِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيرَكم وَلاَ تَضُروهُ " " التوبة: ١٢٠ ".
وبلغ ذَلِكَ الشيخ تقي الدين بْن دقيق العيد - وَكَانَ هُوَ الْقَاضِي حينئذ - فاستحسن ذَلِكَ، وأعجبه هَذَا الاستنباط، وتعجب من مواجهة الشيخ للسلطان بمثل هَذَا الْكَلام.
وَأَمَّا مِحَنُ الشيخ: فكثيرة، وشرحها يطول جدا.
وَقَد اعتقله مرة بَعْض نواب السلطان بالشام قليلًا، بسبب قيامه عَلَى نصراني سب الرسول

الصفحة 510