كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

عَلَيْهِ عِنْدَ ابْن مخلوف قَاضِي المالكية، أَنَّهُ يَقُول: إِن اللَّه تكلم بالقرآن بحرف وصوت، وأنه عَلَى العرش بذاته، وأنه يشار إِلَيْهِ بالإِشارة الحسية.
وَقَالَ المدعي: أطلب تعزيره على ذلك، العزيز البليغ - يشير إِلَى القتل عَلَى مذهب مَالِك - فَقَالَ الْقَاضِي: مَا تقول يا فقيه؟ فحمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ، فقيل لَهُ: أسرع مَا جئت لتخطب، فَقَالَ: أأُمنع من الثناء عَلَى اللَّه تَعَالَى؟ فقال القاضي: أجب، فقد حمدت اللَّه تَعَالَى. فسكت الشيخ، فَقَالَ: أجب. فَقَالَ الشيخ لَهُ: من هو الحاكم في؟ فأشاروا: القاضي هو الحاكم، فقال الشيخ لابن مخلوف: أنت خصمي، كيف تحكم فِي؟. وغضب، ومراده: إني وإياك متنازعان فِي هذه المسائل، فكيف يحكم أحد الخصمين عَلَى الآخر عيها. فأقيم الشيخ ومعه أخواه، ثُمَّ رد الشيخ، وَقَالَ: رضيت أَن تحكم فيَ، فلم يمكَّن من الجلوس، ويقال: إن أخاه الشيخ شرف الدين ابتهل، ودعا اللَّه عَلَيْهِم فِي حال خروجهم، فمنعه الشيخ، وَقَالَ لَهُ: بَل قل: اللَّهُمَّ هب لَهُمْ نورا يهتدون بِهِ إِلَى الحق.
ثُمَّ حبسوا فِي بُرْج أياما، ونقلوا إِلَى الجب ليلة عيد الفطر، ثُمَّ بعث كتاب سلطاني إِلَى الشام بالحط عَلَى الشيخ، والزم النَّاس - خصوصا أهل مذهبه - بالرجوع عَن عقيدته، والتهديد بالعزل والحبس، ونودي بِذَلِكَ فِي الجامع والأسواق. ثُمَّ قرئ الكتاب بسدَّة الجامع بَعْد الجمعة، وحصل أذى كثير للحنابلة بالقاهرة، وحبس بَعْضهم، وأخذ خطوط

الصفحة 512