كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

فِي الجوامع والمجالس العامة، ويجتمع عَلَيْهِ خلق.
ثُمَّ فِي شوال من السنة المذكورة: اجتمع جَمَاعَة كثيرة من الصوفية، وشكواه الشيخ إِلَى الحاكم الشَّافِعِي، وعقد لَهُ مجلس لكلامه من ابْن عربي وغيره، وادعى عَلَيْهِ ابْن عَطَاء بأشياء، وَلَمْ يثبت منها شَيْئًا، لكنه اعترف أَنَّهُ قَالَ: لا يستغاث بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استغاثة بمعنى العبادة، ولكن يتوسل بِهِ، فبعض الحاضرين قَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا شَيْء.
ورأى الحاكم ابْن جَمَاعَة: أَن هَذَا إساءة أدب، وعنفه عَلَى ذَلِكَ، فحضرت رسالة إِلَى الْقَاضِي: أَن يعمل مَعَهُ مَا تقتضيه الشريعة فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ قُلْت لَهُ مَا يقال لمثله.
ثُمَّ إِن الدولة خيروه بَيْنَ أشياء، وَهِيَ الإِقامة بدمشق، أَوْ بالإسكندرية، بشروط، أَوِ الحبس، فاختار الحبس. فدخل عَلَيْهِ أَصْحَابه فِي السفر إِلَى دمشق، ملزما مَا شرط عَلَيْهِ فأجابهم، فاركبوه خيل البريد، ثُمَّ ردوه فِي الغد، وحضر عِنْدَ الْقَاضِي بحضور جَمَاعَة من الْفُقَهَاء، فَقَالَ لَهُ بَعْضهم: مَا ترضى الدولة إلا بالحبس. فَقَالَ الْقَاضِي: وفيه مصلحة لَهُ واستناب التونسي المالكي وأذن لَهُ أَن يحكم عَلَيْهِ بالحبس، فامتنع، وَقَالَ: مَا ثبت عَلَيْهِ شَيْء، فأذن لنور الدين الزواوي المالكي، فتحير، فَقَالَ الشيخ: أنا

الصفحة 515