كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

المغفور لَهُمْ، ووافقه جَمَاعَة من علماء بغداد، وغيرهم. وَكَذَلِكَ ابنا أَبِي الْوَلِيد شيخ المالكية بدمشق أفتيا: أَنَّهُ لا وجه للاعتراض عَلَيْهِ فيما قاله أصلًا، وأنه نقل خلاف الْعُلَمَاء فِي المسألة، ورجح أحد القولين فِيهَا.
وبقي مدة فِي القلعة يكتب العلم ويصنفه، ويرسل إِلَى أَصْحَابه الرسائل، ويذكر مَا فتح اللَّه بِهِ عَلَيْهِ فِي هذه المرة من العلوم العظيمة، والأحوال الجسيمة.
وَقَالَ: قَدْ فتح اللَّه عَلِي فِي هذا الحصن فِي هذه المرة من معاني الْقُرْآن، ومن أصول العلم بأشياء، كَانَ كثير من الْعُلَمَاء يتمنونها، وندمت عَلَى تضييع أَكْثَر أوقاتي فِي غَيْر معاني الْقُرْآن، ثُمَّ إنه منع من الكتابة، وَلَمْ يترك عنده دواة ولا قلم ولا ورق، فأقبل عَلَى التلاوة والتهجد والمناجاة والذكر.
قَالَ شيخنا أَبُو عبد الله بن القيم: سمعت شيخنا شيخ الإِسْلام ابْن تيمية قدس اللَّه روحه، ونور ضريحه، يَقُول: إِن فِي الدنيا جنة من لَمْ يدخلها لَمْ يدخل جنة الآخرة. قَالَ: وَقَالَ لي مرة: مَا يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني فِي صدري، أين رحت فَهِيَ معي، لا تفارقني، أنا حبسي خلوة. وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.
وكان فِي حبسه فِي القلعة يَقُول: لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبا مَا عدل عندي شكر هذه النعمة أَوْ قَالَ: مَا جزيتهم على ما نسبوا فِيهِ من الخير - ونحو هَذَا.
وكان يقول في سجوده، وَهُوَ محبوس: اللَّهُمَّ أعني عَلَى ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، مَا شاء اللَّه.
وَقَالَ مرة: المحبوس من حبس قلبه عَن

الصفحة 519