كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

وَكَانَ الشيخ يحب قراءتهما - فابتداء من سورة الرحمن حَتَّى ختما الْقُرْآن. وخرج الرجال، ودخل النِّسَاء من أقارب الشيخ، فشاهدوه ثُمَّ خرجوا، واقتصروا عَلَى من يغسله، ويساعد عَلَى تغسيله، وكانوا جَمَاعَة من أكابر الصالحين وأهل العلم، كالمزي وغيره، وَلَمْ يفرغ من غسله حَتَّى امتلأت القلعة بالرجال وَمَا حولها إِلَى الجامع، فصلَى عَلَيْهِ بدركات القلعة: الزاهد القدوة مُحَمَّد بْن تمام. وضج النَّاس حينئذ بالبكاء والثناء، وبالدعاء والترحم.
وأخرج الشيخ إِلَى جامع دمشق فِي الساعة الرابعة أَوْ نحوها. وَكَانَ قَد امتلأ الجامع وصحنه، والكلاسة، وباب البريد، وباب الساعات إِلَى الميادين والفوارة. وَكَانَ الجمع أَعْظَم من جمع الجمعة، ووضع الشيخ فِي موضع الجنائز، مِمَّا يلي المقصورة، والجند يحفظون الجنازة من الزحام، وجلس النَّاس عَلَى غَيْر صفوف. بَل مرصوصين، لا يتمكن أحد من الجلوس والسجود إلا بكلفة. وكثر النَّاس كثرة لا توصف.
فلما أذن المؤذن الظهر أقيمت الصلاة عَلَى السدة، بخلاف العادة، وصلوا الظهر، ثُمَّ صلوا عَلَى الشيخ، وَكَانَ الإِمام نائب الخطابة علاء الدين بْن الخراط لغيبة الفزويني بالديار المصرية.

الصفحة 526