كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 4)

ثُمَّ ساروا بِهِ، والناس فِي بكاء ودعاء وثناء، وتهليل وتأسف، والنساء فَوْقَ الأسطحة من هناك إِلَى المقبرة يدعين ويبكين أيضًا. وكان يوماً مشهوداً، لم يعهد بدمشق مثله، وَلَمْ يتخلف من أهل البلد وحواضره إلا القليل من الضعفاء والمخدرات وصرخ صارخ: هكذا تكون جنائز أئمة أهل السنة. فبكا النَّاس بكاء كثيرا عِنْدَ ذَلِكَ.
وأخرج من بَاب البريد، واشتد الزحام، وألقى الناس على نعشه مناديل وعمائمهم، وصار النعش على الرؤوس، يتقدم تارة، ويتأخر أُخْرَى. وخرج الناس أبواب الجامع كلها وَهِيَ مزدحمة. ثُمَّ من أبواب الْمَدِينَة كلها، لكن كَانَ المعظم من بَاب الفرج، ومنه خرجت الجنازة، وباب الفراديس، وباب النصر، وباب الجابية، وعظم الأمر بسوق الْخَيْل.
وتقدم فِي الصلاة عَلَيْهِ هناك: أخوه زين الدين عَبْد الرَّحْمَنِ.
ودفن وقت العصر أَوْ قبلها بيسير إِلَى جانب أخيه شرف الدين عَبْد اللَّهِ بمقابر الصوفية، وحُزر الرجال: بستين ألفٍ وأكثر، إِلَى مائتي ألف، والنساء بخمسة عشر ألف، وظهر بِذَلِكَ قَوْل الإِمام أَحْمَد " بيننا وبين أهل البدع يَوْم الجنائز ".
وختم لَهُ ختمات كثيرة بالصالحية والمدينة، وتردد النَّاس إِلَى زيارة قبره أياما كثيرة، ليلًا ونهارا، ورئيت لَهُ منامات كثيرة صالحة. ورثاه خلق كثير من العلماء والشعراء بقص كثيرة من بلدان شتى،

الصفحة 527