كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 4)

(ثُمَّ) بَعْدَهُمْ جَمَاعَةٌ (كَابْنِ أَبِي عَرُوبَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبَعْدَ الْوَاوِ مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ هَاءُ تَأْنِيثٍ مَكْسُورَةٌ مَعَ اتِّزَانِهِ، وَمَا بَعْدَهُ بِالْإِسْكَانِ أَيْضًا مِمَّا هُوَ أَوْلَى ; لِعَدَمِ ارْتِكَابِ ضَرُورَةِ الصَّرْفِ فِيهِ، هُوَ سَعِيدُ بْنُ مِهْرَانَ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ وَيُكَنَّى أَبَا النَّضْرِ، أَحَدُ كِبَارِ الْأَئِمَّةِ وَثِقَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مِمَّنِ اخْتَلَطَ، قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ: اخْتِلَاطًا قَبِيحًا، وَطَالَتْ مُدَّةُ اخْتِلَاطِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي ابْتِدَائِهَا، فَقِيلَ - كَمَا لِدُحَيْمٍ وَابْنِ حِبَّانَ -: إِنَّهُ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: بَعْدَ هَزِيمَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُلْتَئِمٍ ; إِذْ هَزِيمَةُ إِبْرَاهِيمَ كَانَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، بَلْ وَقُتِلَ فِي أَوَاخِرَ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ أَمْرٌ مُوَافِقٌ لِلْأَوَّلِ، لَكِنْ حَكَى الذُّهْلِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْخَفَّافِ أَنَّ اخْتِلَاطَهُ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: أَوَّلُ مَا أَنْكَرْنَاهُ يَوْمَ مَاتَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، جِئْنَا مِنْ جِنَازَتِهِ فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ قُلْنَا: مِنْ جِنَازَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. فَقَالَ: وَمَنْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ؟ وَكَانَتْ وَفَاةُ سُلَيْمَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَيَتَأَيَّدُ بِمَا حَكَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي (الْكَامِلِ) عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَمِعَ مِنْهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَهُوَ صَحِيحُ السَّمَاعِ، أَوْ بَعْدَهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ يَقُولُ: إِنَّ اخْتِلَاطَهُ كَانَ فِي الطَّاعُونِ. يَعْنِي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ الْقَطَّانُ يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ: إِنَّمَا اخْتَلَطَ قَبْلَ الْهَزِيمَةِ. وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِمَا قَالَهُ الْبَزَّارُ: إِنَّهُ ابْتَدَأَ بِهِ الِاخْتِلَاطُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، وَلَمْ يَسْتَحْكِمْ وَلَمْ يُطْبِقْ بِهِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنِ اسْتَحْكَمَ بِهِ أَخِيرًا، وَعَامَّةُ الرُّوَاةِ عَنْهُ سَمِعُوا مِنْهُ قَبْلَ الِاسْتِحْكَامِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ النَّاسُ اخْتِلَاطَهُ بِمَا قَالَهُ الْقَطَّانُ.
وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَسِرَارُ بْنُ مُجَشِّرٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الْأَعْلَى السَّامِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى

الصفحة 371