كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 4)

وَقَالَ الْحَاكِمُ: قُلْتُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: أَيَدْخُلُ فِي الصَّحِيحِ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ. وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُبَالُوا بِتَغَيُّرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ; لِكَوْنِهِ إِنَّمَا حَدَّثَهُ مِنْ كُتُبِهِ، لَا مِنْ حَفْظِهِ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ كَثِيرٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ فِي (أَدَبِ الْمُحَدِّثِ) : مَنْ يَكُونُ اعْتِمَادُهُ فِي حَدِيثِهِ عَلَى حَفْظِهِ وَضَبْطِهِ، يَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ مِنَ اخْتِلَاطِهِ إِذَا طَعَنَ فِي السِّنِّ أَوْ لَا، بَلِ الِاعْتِمَادُ عَلَى كِتَابِهِ أَوِ الضَّابِطِ لَهُ فَلَا.
وَقَالَ شَيْخُنَا: الْمَنَاكِيرُ الْوَاقِعَةُ فِي حَدِيثِ الدَّبَرِيِّ إِنَّمَا سَبَبُهَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ، فَمَا يُوجَدُ مِنْ حَدِيثِ الدَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَاتِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَلَا يَلْحَقُ الدَّبَرِيَّ مِنْهُ تَبِعَةٌ إِلَّا إِنْ صَحَّفَ وَحَرَّفَ، وَقَدْ جَمَعَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ الْقُرْطُبِيُّ الْحُرُوفَ الَّتِي أَخْطَأَ فِيهَا الدَّبَرِيُّ وَصَحَّفَهَا فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، إِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي عِنْدَ الدَّبَرِيِّ فِي غَيْرِ التَّصَانِيفِ، فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْمَنَاكِيرُ ; وَذَلِكَ لِأَجْلِ سَمَاعِهِ مِنْهُ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِ، ثُمَّ إِنَّ حَدِيثَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ مِنْ جِهَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَإِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجِ وَمَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْهُ، وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَقَطْ مِنْ جِهَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ السَّعْدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ الْمُسْنَدِيِّ وَالذُّهْلِيِّ وَيَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبِيكَنْدِيِّ وَيَحْيَى بْنِ مُوسَى الْبَلْخِيِّ خَتٍّ عَنْهُ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَطْ مِنْ جِهَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيِّ وَحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الشَّاعِرِ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَلَّالِ وَسَلَمَةَ بْنَ شَبِيبٍ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَعَمْرٍو النَّاقِدِ وَمُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيِّ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ.

الصفحة 378