كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 4)

(وَ) كَذَا عُدَّ فِيهِمْ شَيْخُ مَالِكٍ وَأَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَثْبَاتِ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرُّوخَ الْمَدَنِيُّ، (الرَّأْيُ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ ثُمَّ هَمْزَةٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِالسُّنَّةِ قَائِلًا بِهِ، (فِيمَا زَعَمُوا) حَسْبَمَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، فَقَالَ: قِيلَ: إِنَّهُ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَتُرِكَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، وَقَالَ النَّاظِمُ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ بِالِاخْتِلَاطِ. انْتَهَى.
وَإِنَّمَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانُوا يَتَّقُونَهُ لِمَوْضِعِ الرَّأْيِ، عَلَى أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لَرَبِيعَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: إِنَّا قَدْ تَعَلَّمْنَا مِنْكَ، وَرُبَّمَا جَاءَنَا مَنْ يَسْتَفْتِينَا فِي الشَّيْءِ لَمْ نَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا ; فَنَرَى أَنَّ رَأْيَنَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ رَأْيِهِ لِنَفْسِهِ فَنُفْتِيهِ. قَالَ: فَقَالَ: أَقْعِدُونِي. ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ، لَأَنْ تَمُوتَ جَاهِلًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَقُولَ فِي شَيْءٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ، لَا لَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ بِالْمَدِينَةِ.
(وَ) كَذَا (التَّوْأَمِي) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ ثُمَّ وَاوٍ سَاكِنَةٍ وَهَمْزَةٍ تَلِيهَا مِيمٌ، وَهُوَ صَالِحُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ نَبْهَانُ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، وَنُسِبَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِمَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَهِيَ ابْنَةُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ، صَحَابِيَّةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهَا كَانَتْ هِيَ وَأُخْتٌ لَهَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، فَسُمِّيَتْ تِلْكَ بِاسْمٍ، وَهَذِهِ بِالتَّوْأَمَةِ ; فَإِنَّهُ اخْتَلَطَ فِيمَا قَالَهُ أَحْمَدُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ: خَرِفَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: خَرِفَ وَكَبِرَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تَغَيَّرَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَجَعَلَ يَأْتِي بِمَا يُشْبِهُ الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ، فَاخْتَلَطَ حَدِيثُهُ الْأَخِيرُ

الصفحة 379