كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 4)

بِحَدِيثِهِ الْقَدِيمِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى حِكَايَةِ كَلَامِهِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَقَدْ مَيَّزَ الْأَئِمَّةُ بَعْضَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ حَسْبَمَا قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِيهِمْ، وَابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْجَوْزَجَانِيُّ فِي الْأَخِيرِ فَقَطْ، وَلَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: إِنَّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ سَمِعَ مِنْهُ أَخِيرًا، وَرَوَى عَنْهُ مُنْكَرًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ السُّفْيَانَانِ وَمَالِكٌ، فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ وَلُعَابُهُ يَسِيلُ. يَعْنِي مِنَ الْكِبَرِ، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا يُحَدِّثُ عَنْهُ، لَا مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَيْضًا: لَقِيتُهُ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَقَدْ تَغَيَّرَ وَلَقِيَهُ الثَّوْرِيُّ بَعْدِي. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مَالِكٌ أَدْرَكَهُ وَقَدِ اخْتَلَطَ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا فَذَاكَ. وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ إِنَّمَا سَمِعَا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ كَبِرَ وَخَرِفَ، ابْنُ مَعِينٍ، وَكَذَا فِي الثَّوْرِيِّ خَاصَّةً الْجَوْزَجَانِيُّ.
(وَ) كَذَا (ابْنُ عُيَيْنَةٍ) بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ مَعَ التَّصْغِيرِ وَبِالصَّرْفِ لِلضَّرُورَةِ، هُوَ سُفْيَانُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْهِلَالِيُّ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ، وَأَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَثْبَاتِ، فَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فِيمَا حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ عَنْهُ: أَشْهَدُوا أَنَّهُ اخْتَلَطَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ، فِيهَا وَبَعْدَهَا فَسَمَاعُهُ لَا شَيْءَ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَأَنَا أَسْتَبْعِدُهُ وَأَعُدُّهُ غَلَطًا مِنَ ابْنِ عَمَّارٍ، فَالْقَطَّانُ مَاتَ فِي الْكُوفَةِ أَوَّلَ سَنَةِ ثَمَانٍ

الصفحة 380