كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (اسم الجزء: 4)

(وَآخِرًا حَكَوْهُ) أَيْ: وَفِي الْمُتَأَخِّرِينَ حَكَى أَهْلُ الْحَدِيثِ ; كَأَبِي عَلِيٍّ الْبَرْذَعِيِّ ثُمَّ السَّمَرْقَنْدِيِّ فِي مُعْجَمِهِ بَلَاغًا، وَمَنْ تَبِعَهُمَا الِاخْتِلَاطُ آخِرَ الْعُمْرِ (فِي الْحَفِيدِ ابْنِ خُزَيْمَةٍ) بِمُعْجَمَتَيْنِ، مُصَغَّرٌ، نِسْبَةً لِجَدِّهِ الْأَعْلَى، فَهُوَ أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْحَافِظِ الشَّهِيرِ إِمَامِ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ السُّلَمِيِّ. (مَعَ الْغِطْرِيفِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ رَاءٍ مَكْسُورَةٍ، بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ فَاءٌ، نِسْبَةً لِجَدِّ جَدِّهِ، وَهُوَ الثِّقَةُ الثَّبَتُ أَحَدُ أَكَابِرَ الْحُفَّاظِ فِي وَقْتِهِ، أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنَ الْغِطْرِيفِ بْنَ الْجَهْمِ الرِّبَاطِيُّ الْغِطْرِيفِيُّ الْجُرْجَانِيُّ الْعَبْدِيُّ مُصَنِّفُ الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَالْأَبْوَابِ وَصَاحِبُ الْجُزْءِ الْعَالِي وَشَيْخُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ.
وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَوَّلِهِمَا الْحَاكِمُ فَقَالَ: إِنَّهُ مَرِضَ فِي الْآخِرِ وَتَغَيَّرَ بِزَوَالِ عَقْلِهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَعَاشَ بَعْدُ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَقَصَدْتُهُ فِيهَا فَوَجَدْتُهُ لَا يَعْقِلُ، وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالدِّينِ، وَمَاتَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. انْتَهَى.
وَعَلَى هَذَا فَمُدَّةُ اخْتِلَاطِهِ - كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّقْيِيدِ - سَنَتَانِ وَنِصْفُ سَنَةٍ تَنْقُصُ أَيَّامًا، وَتَجَوَّزَ الذَّهَبِيُّ فَقَالَ فِي (الْعِبَرِ) ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْحِ: اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ فَتَجَنَّبُوهُ. بَلْ صَرَّحَ فِي (الْمِيزَانِ) بِقَوْلِهِ: مَا عَرَفْتُ أَحَدًا سَمِعَ مِنْهُ فِي أَيَّامِ عَدَمِ عَقْلِهِ. وَكَذَا قَالَ فِي (تَارِيخِ الْإِسْلَامِ) : وَمَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْهُ إِلَّا فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَعْقِلُ كَيْفَ يُسْمَعُ عَلَيْهِ؟ ! وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِكَلَامِ الْحَاكِمِ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ لَيَّنَهُ،

الصفحة 384