كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 4)
أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد .. ثم خرج يشتد نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة البطيء الرجل البطيء .. فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخل عمر فقال: يا رسول الله .. هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني فلأضرب عنقه .. قلت يا رسول الله: إني أجرته ثم جلست إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت برأسه فقلت: لا والله لا يناجيه الليلة رجل دوني فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلًا يا عمر أما والله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا .. ولكنك عرفت أنه رجل من رجال بني عبد مناف .. قال: مهلًا يا عباس فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إسلام الخطاب.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذهب به إلى رحلك يا عباس فإذا أصبح فائتني به .. فذهبت به إلى رحلي فبات عندي فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله.
قال: بأبي أنت وأمي ما أكرمك وأوصلك .. والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئًا .. قال: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك هذه والله كان في نفسي منها شيء حتى الآن" (¬1) كان داخل أبي سفيان كتلة من العناد والزعامة والأوهام المتكلسة التي تعيق نظره إلى الحقيقة لكن حد السيف جعله يتخلص منها .. لأن السيف سيبيده معها
¬__________
(¬1) تخريجه في نهايته.