كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 4)
هل سيقوى عليه قلب فاطمة وعائشة وبقية أمهات المؤمنين .. ذات يوم كانت عائشة تشتكى رأسها فقالت: "وارأساه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك .. فقالت عائشة: واثكلياه والله إني لأظنك تحب موتي ولو كان ذاك لظللت آخر يومك معرسًا ببعض أزواجك .. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بل أنا وارأساه لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون" (¬1) "ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" (¬2) كانت كلمات كالوداع فقد مرض بعدها النبي - صلى الله عليه وسلم - مرضًا شديدًا أقعده وأثقل حركته حتى عن التنقل بين أبيات زوجاته وذلك بعد عودته من دفن بعض أصحابه رضي الله عنهم .. تقول عائشة رضي الله عنها: "رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعًا في رأسى وأنا أقول: وارأساه قال: بل أنا والله يا عائشة .. وارأساه ثم قال: ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك؟ فقلت: والله لكأني بك لو فعلت ذلك رجعت إلى بيتي فأعرست ببعض نسائك فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتنام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى استعز به وهو في ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن أن يمرض في بيتي .. فأذِنَّ له فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر (¬3) تخط قدماه الأرض عاصبًا رأسه حتى دخل بيتي" (¬4) كان مشهدًا
¬__________
(¬1) صحيح البخاري 6 - 2638.
(¬2) صحيح مسلم 4 - 1857.
(¬3) هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(¬4) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه الطبري 2 - 226 - 229 واللفظ له والبيهقيُّ في الدلائل 7 - 169: حدثني يعقوب بن عتبة عن محمَّد بن مسلم بن شهاب الزهري عن =
الصفحة 284
328