كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 4)

وجاء يوم الخميس
يقول ابن عباس "يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال: اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع [فقال عمر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوموا] فقالوا هجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه وأوصى عند موته بثلاث:
أخرجوا المشركين من جزيرة العرب
وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة" (¬1)
كان ذلك الكتاب يحمل نوعًا من اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لم ينزل به وحي وإلا لو كان وحيًا لوجب عليه تبليغه كبقية رسالته لأن الله يقول له: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} (¬2).
إذًا فعدم تبليغ جزء من الوحي يعتبر عند الله عدم تبليغ للرسالة .. وهو أمر لا يمكن التخلي عنه مهما كان السبب أما هذا الكتاب الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينوي كتابته فقد تراجع عنه لأنه محض اجتهاد حرصًا منه
¬__________
(¬1) صحيح البخاري 3 - 1111 والزيادة عند مسلم 3 - 1259.
(¬2) المائدة: 67.

الصفحة 289