كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 7-8)

وَحِسَابُهُم عَلَى الله" متفقٌ عَلَيْهِ (¬1) .
1208- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفيه تغليب الفعل على القول (عصموا) أي: منعوا (مني دماءهم) فلا يجوز قتلهم إلا بسبب خاص من قصاص أو زنى مع إحصان أو ارتداد (وأموالهم) فلا يجوز أخذها إلا بطريقه من كفارة أو بدل ما أتلفوه. (وحسابهم على الله) يعني أن الشريعة الشريفة إنما تجري على الظواهر ولا تنقر عما في القلب، فمن أتى بالشهادتين والتزم أحكام الإِسلام جرت عليه أحكامهم، سواء كان في الباطن كذلك أم لا. أما الكتابي وما ألحق به من المجوسي فيقاتل حتى يسلم أو يؤدي الجزية. (متفق عليه) ورواه أصحاب السنن الأربع، قال السيوطي في الجامع الصغير: وهو متواتر.
1208- (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي) بصيغة المجهول، ونائب فاعله (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وسكت عن ذكر الفاعل للعلم به. (وكان أبو بكر رضي الله عنه) أي: خليفة أو التقدير وكانت خلافة أبي بكر أي: وجدت فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وذكر العامل؛ لتذكير مرفوعه (وكفر) أي: ارتد (من كفر من العرب) وما بقي على الإِيمان سوى أهل الحرمين، ومن حولهما وأُناس قليل، وقيل: المراد منه وترك الزكاة من ترك، وأطلق الكفر على مانع الزكاة تغليظاً، أو أن الذين أراد الصديق قتالهم كان بعضهم مرتداً كأصحاب مسيلمة، وبعضهم بغاة بمنع الزكاة، وأُطلق على الجميع الكفر؛ لأنه كان أعظم خطباً، وصار مبدأ قتال أهل البغي مؤرخاً بزمان على إذ كانوا منفردين في عصره لم يختلطوا بأهل الشرك، ولا منافاة بين إيمانهم مع إنكارهم الزكاة، الذي يكفر به غير المعذور لأن التكفير بذلك إنما هو في زماننا لتقرر الأركان، وحصول الإجماع عليها، وكونها معلومة من الدين بالضرورة. وأما أولئك فلم يكفروا بذلك لكونهم كانوا قريبي عهد بزمان الشريعة الذي كان يقع فيه تبديل الأحكام بالنسخ، وبوقوع الفترة بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا جهالاً
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في كتاب: الإِيمان، باب: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم وغيرهم (1/70، 72) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الإِيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ... (الحديث: 36) .

الصفحة 11