كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 7-8)

مَا هُوَ إِلاَّ أنْ رَأيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ لِلقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ الحَقُّ. متفقٌ عَلَيْهِ (¬1) .
1209- وعن أَبي أيُّوب - رضي الله عنه -: أنّ رَجُلاً قَالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أخْبِرْنِي بعمل يُدْخِلُنِي الجَنَّة، قَالَ: "تَعْبُدُ اللهَ، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق) أي: اجتهد فطابق اجتهاده. قال البرماوي: إن عمر أخذ بظاهر أول الحديث قبل أن ينظر في آخره، فقال أبو بكر: إن الزكاة حق المال، فدخلت في قوله إلا بحقه، وقاسه على الممتنع من الصلاة، لأنها كانت بالإِجماع، فرد المختلف فيه إلى المتفق عليه والعموم يخص بالقياس، على أن هذه الرواية مختصرة من الرواية المصرح فيها بالزكاة، وهو حديث ابن عمر السابق قبله، وسبب الاختصار أنه حكى ما جرى بين الشيخين لا جميع القصة اعتماداً على علم المخاطبين بها، أو اكتفى بما هو الغرض حينئذ، وقال الخطابي: الخطاب في الكتاب ثلاثة أضرب: عام نحو: إذا أقمتم إلى الصلاة، وخاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم - نحو فتهجد حيث قيد بذلك، وخطاب يواجه به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو والأمة فيه سواء كآية (خذ من أموالهم صدقة) (¬2) ، فعلى القائم بعده بأمر الأمة أن يحتذي حذوه في أخذها منهم. وأما التطهير والتزكية والدعاء من الإمام لصاحبها، فإن الفاعل فيها قد ينال ذلك كله بطاعة الله ورسوله فيها، وكل ثواب موعود على عمل كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم - فهو باق، فيستحب للإمام أن يدعو للمتصدق ويرجى أن يستجيب الله منه ولا يخيبه (متفق عليه) .
1209- (وعن أبي أيوب) خالد بن زيد الأنصاري (رضي الله عنه أن رجلاً) نقل عن الصريفيني (¬3) أنه روى الحديث من طريق أبي أيوب وقال فيه: أنه وافد بني المنتفق، قاله الدماميني في المصابيح، وقال البرماوي: حكى ابن قتيبة في غريب الحديث أنه أبو أيوب نفسه، وتقدم شرح الحديث في باب بر الوالدين وصلة الأرحام (قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرني بعمل يدخلني الجنة) بالرفع جملة في محل الصفة لما قبله، وإسناد الإدخال إليه مجاز من الإِسناد للسبب. (فقال) أي: (النبي - صلى الله عليه وسلم - تعبد الله) هو من حذف أن قبل المضارع، أو تنزيل الفعل منزلة المصدر كما في تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وكذا المعطوفات (ولا تشرك
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة، (3/217) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الإِيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا ... (الحديث: 32) .
(¬2) سورة التوبة، الآية: 103.
(¬3) نسبة لصريفين مكان بالعراق.

الصفحة 13