كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 7-8)

وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ" متفقٌ عَلَيْهِ (¬1) .
1210- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ أعْرَابياً أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ، دَخَلْتُ الجَنَّةَ. قَالَ: "تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ" قَالَ: وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا أزيدُ عَلَى هَذَا، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
به شيئاً) جملة خبرية حالية من فاعل الفعل قبله، رابطها الواو والضمير (وتقيم الصلاة) أي: تأتي بها جامعة الأركان والشرائط (وتؤتي الزكاة) أي: تؤديها للفقراء وباقي مستحقيها، وسكت عن الصوم والحج إن كانا قد وُجبا إما اكتفاء بعلم المخاطب أنهما كاللذين قبلهما في سببية دخولها؛ أو لأن الحاجة إلى ما ذكره في الحديث أهم لتقصير السائل في تلك الأمور، لا في نحو الصوم والحج، فبين له شأنهما تحريضاً عليهما، أو ذكراً وسقطاً من الراوي (وتصل الأرحام متفق عليه) .
1210- (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً) هو ساكن البادية، وهذا الأعرابي لعله عبد الله بن الأحزم، قاله البلقيني في الإِفهام (أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته) عبر بها لثقته بتوفيق الله تعالى له، فكأنه مقطوع بحصوله (دخلت الجنة قال تبعد الله ولا تشرك به شيئاً) من الشرك، أو من المعبودات، والجملة حال رابطها الضمير (وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة) احترازاً من صدقة التطوع (وتصوم رمضان) سكت عن الحج والجهاد، إما لعدم طلبهما من السائل، أو لعلمه بأنه يعلم ثوابهما وعلو مكانهما (قال: والذي نفسي بيده) أي: بقدرته (لا أزيد على هذا) زاد مسلم: ولا أنقص منه. قال الطبراني: هذا الحديث ونحوه خوطب به أعراب حديثو عهد بالإِسلام فاكتفى منهم بفعل الواجب في ذلك الحال؛ لئلا يثقل ذلك عليهم فيملوا، حتى إذا انشرحت صدورهم للفهم عنه والحرص على تحصيل ثواب المندوبات سهلت عليهم. كذا في التوشيح (فلما ولى) أي: أدبر (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا) قال البرماوي: فيه أن المبشر بها أكثر من العشرة، كما ورد النص في الحسن والحسين وأمهما وجدتهما وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتحمل بشارة العشرة على أنهم بشروا
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة، (3/208، 209) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الإِيمان، باب: بيان الإِيمان الذي يدخل به الجنة ... ، (الحديث: 12) .

الصفحة 14