كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 7-8)

إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ" قيل: يَا رسولَ الله، فالإبلُ؟ قَالَ: "وَلاَ صَاحِبِ إبلٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَومَ وِرْدِهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أوْفَرَ مَا كَانَتْ، لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا فَصيلاً وَاحِداً، تَطَؤُهُ بِأخْفَافِهَا، وَتَعَضُّهُ بِأفْوَاهِهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باقيهم كنصف يوم من أيام الدنيا كما أشير إليه بقوله تعالى: (وأحسن مقيلاً) (¬1) ولا يزال تعذيبه مستمراً في هذه المدة الطويلة (حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله) . قال الطيبي: رويناه بضم الياء وفتحها وبرفع سبيله ونصبه. اهـ وعلى ضم التحتية فسبيله أما نائب فاعل أو مفعول به، وعلى فتحها فهو مفعول به فقط. والسبيل كالطريق وزناً ومعنى يذكر ويؤنث (إما إلى الجنة) أي: إن كان مؤمناً والظرف في محل الحال (وإما إلى النار) بأن كان كافراً ومنه مستحل ترك الزكاة (قيل: يا رسول الله فالإِبل) أي: عرفنا حكم النقدين فما حكم الإِبل؟
(قال:) عطفاً على قوله ما من صاحب ذهب إلخ (ولا صاحب إبل) بكسرتين وبكسر فسكون، أي: وما من صاحب إبلٍ (لا يؤدي منها حقها) الواجب (ومن) أي: بعض (حقها) المندوب ذكر استطراداً وبياناً لما ينبغي أن يعتني به من له مروءة، وإن لم يكن فيه عذاب؛ لأن العذاب لا يكون إلا بترك واجب وفعل حرام (حلبها) بفتح المهملة واللام على الأشهر، وإسكانها غريب لكنه القياس (يوم ورودها) أي: ورودها الماء بأن تحلب حينئذ ويسقى من ألبانها للمارة والواردين للماء، ونظير ذلك الأمر بالصرام (¬2) نهاراً ليحضر المحتاج والنهي عنه ليلاً (إلا إذا كان يوم القيامة بطح) أي: طرح على وجهه. قال المصنف وقال القاضي: قد جاء في رواية البخاري تخبط وجهه بأخفافها، وهذا يقتضي أنه ليس من شرط البطح كونه علي الوجه، وإنما هو في اللغة بمعنى المد والبسط، فقد يكون على وجهه، وقد يكون على ظهره، ومنه سميت بطحاء مكة لانبساطها (لها) وفي نسخة له: ولا يصح رواية بل معنى خلافاً للطيبي كالتوربشتي؛ لأن الضمير لها وذكر باعتبار الجنس (بقاع) أي في صحراء واسعة مستوية (قرقر) بقافين وراءين أي: مستو فهو صفة كاشفة كذا في فتح الإِله، والظاهر أنها صفة مؤكدة. قال التوربشتي: القرقر في معنى القاع، وعبر عنه بلفظين مختلفين؛ للمبالغة في استواء ذلك المكان. قال: وروي بقاع قرق وهو مثله (أوفر) أي: أسمن (ما كانت) أي: أوقات أكوانها وأحيائها ليزداد ثقلها عليه عند وطئها له؛ ولكون إضافة أفعل غير محضة لم تمنع وقوعه حالاً، كذا في فتح الإِله وهو وهم، فإن الصفة التي تكون إضافتها لفظية هي اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، كما في التوضيح، ونصبه في
¬__________
(¬1) سورة الفرقان، الآية: 24.
(¬2) ويقال بالصوم كما في الصحاح والمراد به قطف الثمار بعد نضجها وكمالها. ع.

الصفحة 17