كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 7-8)

أحَدُهُمَا يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ، وَالآخَرُ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ؟ فَقَالَتْ: مَنْ يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ؟ قَالَ: عَبْدُ اللهِ - يعني: ابن مسعود - فَقَالَتْ: هكَذَا كَانَ رسولُ اللهِ يَصْنَعُ. رواه مسلم. قَوْله: "لا يَألُو" أيْ: لاَ يُقَصِّرُ في الخَيْرِ (¬1) .
1233- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَالَ اللهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بقوله (من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كلاهما) مبتدأ ثان، ولا يجوز على مذهب البصريين كونه تأكيد رجلان لنكارته؛ وهم يمنعون فيها (لا يألو) فرد الخبر، باعتبار لفظ كلاهما، كما هو الأصح ومنه قوله تعالى: (كلتا الجنتينءَاتت أكلها) (¬2) ويجوز التثنية باعتبار المعنى، وقد اجتمعا في قول الشاعر:
كلاهما حين جد السير بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي
(عن الخير أحدهما يعجل المغرب) أي: صلاته (والإِفطار) أي: عند تحقق الغروب (والآخر يؤخر المغرب والإِفطار) أتى بالظاهر محل الضمير؛ زيادة في الاستفسار (فقالت: من يعجل المغرب والإِفطار) سألت عنه دون الثاني؛ لأنه أتى بما يثنى عليه، فأحبت معرفته؛ لتثني عليه بذلك، ويحصل مقصود بيان فعل الثاني، من الثناء على ضده (قال عبد الله) وقوله (يعني ابن مسعود) يحتمل أن يكون من أبي عطية، أو ممن دونه، وذلك لأن المسمين بعبد الله من الصحابة عدد كثير جداً، لكنه إذا أطلق في حديث الكوفيين فالمراد منه ابن مسعود، وإذا أطلق في حديث الحجازيين فالمراد: منه ابن عمر (فقالت هكذا) أي: كفعل ابن مسعود (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع) في التعبير به دون يفعل، إيماء إلى الاهتمام بذلك، لأن الصنع من عمل الإنسان ما صدر منه بعد تدرب فيه وترو، وتحري إجادته (رواه مسلم) وفيه وزاد أبو كريب: والآخر أبو موسى (قوله: لا يألو أي لا يقصر في الخير) في مطاء المطول الألو التقصير، وقد استعمل معدى لاثنين في قولهم: لا آلوك جهداً، أي: لا أمنعك جهداً. اهـ. ومقتضاه: أن أصله التقصير كما استعمل في الحديث، وإن نصب المفعولين به لتضمنه معنى منع.
1233 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله عز وجل: أحب
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في كتاب: الصيام، باب: فضل السحور وتاكيد استحبابه ... (الحديث: 49) .
(¬2) سورة الكهف، الآية: 33.

الصفحة 44