كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)

6 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197]
(باب: قولِ الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا} أي: تزودوا ما يكفُّ وجوهَكُم عن الناسِ، ولمَّا أمرهم بزاد الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة فقال: ({فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}) [البقرة: 197]؛ لأنها سببٌ للخير الدائم، بخلاف زاد الدنيا.

1523 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: "كَانَ أَهْلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا.
[فتح: 3/ 383]
(شبابة) بفتح الشين والموحدة المخففة، أي: ابن سوار (عن ورقاء) بالمدِّ، أي: ابن عمرو بنِ كُليبٍ اليشكريِّ (ويقولون: نحن المتوكلون) أي: على الله.
(فإذا قدموا مكةَ) في نسخةٍ. "وإذا قدموا المدينة" والأولى أصوبُ (سألوا الناسَ) أي: الزادَ.
وفي الحديث: الزجرُ عن التكففِ وكثرةِ السؤال، والترغيبُ في التعفُّفِ، وليس فيه ذمُّ التوكل؛ لأن ما فعلوه تأكُّل لا توكل إذ التوكُّلُ قطعُ النظر عن الأسباب مع تهيئتها لا تركها بالكلية؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "قيدها وتوكل" (¬1) وعُرف التوكل بغير ذلك، كما بينته في "شرح الرسالة" (عن عمرو) أي: ابن دينار.
¬__________
(¬1) رواه التّرمذيّ بلفظ: "اعقلها وتوكل" (2517) كتاب: صفة القيامة، باب: ما =

الصفحة 16