كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)

أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.
[انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 415]
(فأهللنا بعمرة) أي: أدخلناها على الحجِّ بعد أن أهللنا به، كما مرَّ. ولا يُنافي ذلك ما مرَّ في باب الحيض (¬1) وما يأتي في التمتع (¬2) من أنهم كانوا لا يرون إلا الحجَّ؛ لأن ذلك كان عند الخروج قبل أن يحرموا، ثمّ أمرهم - صلى الله عليه وسلم - بالاعتمار؛ دفعًا لما اعتقدوه من حرمة العمرة في أشهر الحجِّ. (هدي) بسكون الدال وتخفيف الياء، وبكسرها وتشديد الياء: ما يهدى للحرم من النعم.
(انقضي رأسك) بقاف مضمومة، وضاد معجمة أي: حلي ضفر شعر رأسك. (وامتشطي) أي: سرحيه بحيث لا ينتف منه شيء. (ودعي العمرة) أي: عملها لا نفسها، وحينيذ فتكون قارنة، والمعني: أما أحرمت بالحج، ثمّ فسخته إلى العمرة حين أمر النَّاس بذلك، فلما حاضت وتعذر عليها إتمام العمرة أمرها - صلى الله عليه وسلم - بالإحرام بالحج، فأحرمت به فصارت مُدْخلةَ للحج على العمرة وقارنة. (ففعلت) بسكون اللام أي: ما ذكر من النقض والامتشاط والإهلال بالحج، وترك عمل العمرة، وهذا موضع التّرجمة. (هذه مكان عمرتك) برفع (مكان) خبرًا لـ (هذه) وبنصبه على الظرفية، أي: هذه كائنة مكان عمرتك، والمراد: مكان عمرتك الّتي أردت أن تأتي بها مفردة، فتكون عمرتها من التنعيم تطوعًا، لكنه أراد تطييب نفسها بذلك (طوافًا واحدًا) في نسخة: (طوافًا آخرًا).
¬__________
(¬1) سبق برقم (294) كتاب: الحيض، باب: الأمر بالنفساء إذا نفسن.
(¬2) سيأتي برقم (1561) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج.

الصفحة 48