كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)

مرَّ أنه أمرهم به بسرف، وكان قبل الطّواف؛ لأنَّ ذلك وقع مرتين قاله الكرماني (¬1) وبتقدير أنه لم يقع مرتين يجاب: بأن الفاء هنا ليست للتعقيب، بل بمعنى الواو (¬2) كقوله: بين الدخول فحومل (¬3). فحل (من لم يكن ساق الهدي) هذا موضع الجزء الأخير من التّرجمة، وهو فسخ الحجِّ لمن لم يكن معه هدى.
(فلم أطف بالبيت) أي: طواف العمرة؛ لمانع الحيض، وأما طواف الحجِّ فقد قالت فيه فيما مرَّ: خرجت من منى، فأفضت بالبيت. (ليلة الحصبة) بسكون الصاد، وحكى كسرها وفتحها، أي: اللَّيلة الّتي بعد ليالي التّشريق الّتي ينزلون فيها بالمحصب. (قالت) فيه: التفات إذ الأصل: قلت. (وأرجع أنا بحجة) أي: بلا عمرة مفردة، كما رجع النَّاس بها.
(فأهلي بعمرة) أمرها بها؛ تطييبًا لقلبها، كما مرَّ (¬4) (موعدك كذا وكذا) أي: المحصب، كما مرَّ في الباب السابق. (صفية) أي: أم المؤمنين. (أُراني) بضم الهمزة أي: أظن نفسي. (حابستهم) أي: القوم عن التوجه للمدينة؛ لأني حضت وما طفت، فيتوقفون بسببي حتّى أطوف، وفي نسخة: "حابستكم" بكاف الخطّاب. (عَقْرَي حلقيِ) فيهما أوجه:
أحدها: أنهما وصفان لمؤنث بوزن فعلى بمعنى: مفعولة أي: عقرها الله في جسدها وحلقى: أصابها بوجع في حلقها، أو حلق
¬__________
(¬1) "البخاريّ بشرح الكرماني" 8/ 89.
(¬2) كون الفاء بمعنى: الواو قال به بعض النحاة، حيث أجازوا فيها أن تكون للجمع فقط كالواو، وذلك إذا فقدت التّرتيب.
(¬3) هذا عجز بيت من معلقة أمرئ القيس، وصدره:
قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل
(¬4) سبق برقم (1561) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والقران والإفراد بالحج.

الصفحة 57