كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 4)

غيره النّهي على التّحريم.

1564 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ العُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الفُجُورِ فِي الأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ المُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ، قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الحِلِّ؟ قَال: "حِلٌّ كُلُّهُ".
[انظر: 1085 - مسلم: 1240 - فتح: 3/ 422]
(وهيب) أي: ابن خالد. (ابْن طاوس) اسمه: عبد الله. (كانوا) أي: أهل الجاهلية. (يرون) أي: يعتقدون.
(من أفجر الفجور) أي: من أعظم الذنوب، و (من) ساقطة من نسخة. فـ (أفجر) منصوب على المفعولية. (ويجعلون المحرم) أي: يسمونه صفرًا، بالتنوين والألف؛ لأنه مصروف، وفي نسخة: "صفر" بلا ألف بالوقف على لغة ربيعة في الوقف على المنصوب المنون، فإن وصل قرئ منونًا، لكن حكي أنه غير منصرف، فيقرأ غير منون، والمعنى: أنهم يجعلون صفرًا من الأشهر الحرم، ولا يجعلون المحرم منها؛ لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرّمة، فيضيق عليهم ما اعتادوه من إغارة بعضهم على بعض، فأضلهم الله بقوله: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37]، والنسيء: كما قال الزمخشري: تأخير حرمة الشهر إلى شهر أخر، وربما زادوا في عدد الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر، أو أربعة عشر، فيتسع لهم الوقت؛ لأنَّهم إذا توالت عليهم ثلاثة أشهر حرم ضاق الوقت على أحوالهم، وقيل: كانوا يزيدون في

الصفحة 60