كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

عَرَضتم من الرِّشوة بالكسر وسكون الشين المعجمة أي: الجعلة للجاه فإنها أي: الرشوة سُحْت، بضم وسكون وبضمتين، أي: حرام أخذها سحت البركة ويستأصلها بالكلية وإنا أي: (ق 862) معشر المسلمين لا نأكلها، أي: الرشوة مطلقًا فقالوا: أي: معاشر اليهود بهذا أي: بالعدل قامت السموات والأرض أي: ما عندنا أو قام أهلها واستقام حالهما وحسن مآلهما.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه سليمان بن يسار هنا لا بأس بمعاملة النخل على الشَّطر، أي: النصف والثلث، والربع، أو نحوهما من الخمس والثمن وبمزارعة الأرض البيضاء أي: الخالية من الأشجار على الشطر والثلث والربع، أي: وأمثالها وكان أبو حنيفة يكره ذلك، أي: عمل المزارعة ويذكر أن ذلك هو المخابرة التي نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمخابرة بالخاء المعجمة والموحدة والمزارعة على نصف معين من النصف ونحوه، وإنما لا يصح عند أبي حنيفة، لما أخرجه مسلم عن ثابت بن الضحاك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزارعة، وأمر بالمؤاجرة، وقال: "لا بأس بها"، وما رواه ابن أبي شيبة عن ثابت بن الحجاج عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المخابرة قلت: وما المخابرة؟ قال: "أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع"، وأما ما أخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنما كان خراج مقاسمة بطريق المن والصلح، وذلك جائز بدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يبين لهم المدة، وإن كانت مزارعة بينهما لا يجوز عن من يجيزها إلا ببيان المدة.
وقال أبو بكر الرازي: ومما يدل على أن ما شرط عليهم من نصف الثمر والزرع كان على وجه الجزية، إذ لم يرد في شيء من الأخبار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ منهم الجزية إلى أن مات، ولا أبو بكر إلى أن مات، ولا عمر إلى أن أجلاهم عن جزيرة العرب، ولو لم يكن جزية لأخذ منهم الجزية حين نزلت آية الجزية ثم الحلية، لجوازها عند أبي حنيفة أن يستأجر رب البذرة العامل بأجر معلوم إلى مدة معلومة، وإذا قضيت المدة يعطيه بعض الخراج عما وجب له من الأجر في ذمته فيجوز ذلك برضاهما كالدين إذا أعطى عنه خلاف جنسه، وأما عندهم فصح المزارعة بشروطها المعتبرة المذكورة في الكتب المبسوطة، وبه يفتي لحاجة الناس إليها وتعامل الأمة بها، ولما أخرجه الجماعة إلا النسائي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع، وفي لفظ: "لما افتتحت خيبر سأل اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرهم فيها على أن يعملوا على نصف ما

الصفحة 127