كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 4)

وغلط ابن راهويه: فقال: لا تقويم في عتق الإِناث وقوفًا مع لفظ عبد، وأنكره عليه حذاق أهل الأصول؛ لأن الأمة في معنى العبد، فهو من القياس في معنى الأصل، والقياس كالمنصوص عليه انتهى وكان له أي: المعتقة من المال هو ما يتمول، والمراد به هنا ما يبيع نصيب الشريك ويباع عليه في ذلك ما يباع على المفلس قاله عياض.
وفي رواية: ما بلا لام أي: شيء، كما كان به في (الموطأ) لمالك وحيث قال: من المال ما يبلغ ثمن العبد، أي: ثمن بقيته؛ لأنه موسر بحصته، والمراد قيمته؛ لأن الثمن ما اشترى به واللازم هنا القيمة لا الثمن، قوم بضم القاف وكسر الراء المشددة أي: قدر قيمة العدْل، قيمة العدل بالنصب، والعدل بفتح العين المهملة والدال واللام أي: المثل لا زيادة على قيمتها ولا نقصان عنها ثم أعطى بالبناء المجهول شركاؤه مرفوع نائب فاعل حصصهم، بالنصب مفعول ثان لأعطى أي: نصيب شركاؤه من ماله؛ فإن كان الشريك واحدًا أعطاه جميع الباقي اتفاقًا، فلو كان مشتركًا بين ثلاثة فأعتق أحدهم حصتهم، وهي الثلث والثاني حصته، وهي السدس ففي تقويم نصيب صاحب النصف بالتسوية، لتساويهما في الإِتلاف؛ ولأنه لو انفرد لقوم عليه قل نصيبه أو أكثر ويقوم على قدر الحصص قولان، الجمهور على الثاني، وهو المشهور ومذهب المدونة.
قال القرطبي: وظاهره أنه يقوم كاملًا لا عتق فيه وهو معروف المذهب، وقيل: يقوم على بعضه حر، والأول أصح؛ لأن سبب التقويم جناية المعتق بتفويته نصيب شريكه، فيقوم على ما كان عليه يوم الجناية كالحكم في سائر الجنايات المقومة.
قال عياض: ولأن المعتق كان قادرًا على أن يدعو شريكه ليبيع جميعه، فيحصل له نصف جميع الثمن فلما منعه هذا ضمن ما منعه معه وعتق بفتح العين عليه العبد، أي: وحده ويكون ولاؤه له بعد إعطاء القيمة على ظاهره فلو أعتق الشريك قبل أخذ القيمة نقد عتقه على المشهور وإلا أي: وإن لم يكن له مال يبلغ ثمن العبد فقد عتق عنه أي: من العبد ما أُعتق" بضم الهمزة أي: من حصته معتقه.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه ابن عمر هنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أعتق شِقصًا بكسر الشين المعجمة وسكون القاف والصاد المهملة أي: نصيبًا في مملوك أي: عبدًا أو أمة فهو حرّ كله، العتق لا يتجزأ وإن كان الذي أعتق موسرًا أي: غنيًا ضمن حصة شركائه من العبد، وإن كان معسرًا أي: فقيرًا سعى العبدُ لشركائه في حصصهم،

الصفحة 138